بما أن الرئيس مبارك وكبار أهل السلطة فى مصر يعشقون مخاطبتنا نحن أهل الشارع إلا من وراء ميكروفنات أو شاشات أو عبر رسائل وتصريحات فى الصحف، وبما أن المواطن المصرى ليس كأى مواطن فى الدول المتحضرة يمكنه مراسلة رئيس جمهوريته، أو على الأقل الحديث وجها إلى وجه مع الوزير المختص أو المدير العام المسؤل، وبما أن الرئيس مبارك لا يحب الخطابات الجماهيرية أو اللقاءات المفتوحة التى كان يعقدها عبد الناصر من قبلها، وبما أننا لدينا آلاف الشكاوى وآلاف الحكايات والتنهيدات والزفرات نريدها أن تصل للرئيس بنصها الكامل وحقيقتها الواضحة، دون تحريف تقارير صحف الحكومة، أو تصريحات الوزراء المتذوقة، وبما أن الوصول لرؤساء دول أوروبا والرئيس الأمريكى أسهل من الوصول إلى أى وزير مصرى، فإليكم هذا الاقتراح الذى لا يتعدى كونه تفكيرا سخيفا ومستحيلا ولكنه يكشف عن وضعنا الحقيقى بالضبط..
على اعتبار أن الوصول إلى أى رئيس دولة متحضرة سهل عبر موقعه الإلكترونى أو مراسلة سكرتاريته التى تطلعه بلا لف ولا دوران على رسائل الشعب، وعلى اعتبار أن الرئيس الأمريكى ينتقى بعض الرسائل لكى يرد عليها بشكل شخصى، فلقد قررت أن أجرب وأن أرسل لأى رئيس دولة محترمة من المقرر أن يلتقى الرئيس مبارك قريبا لعل الحظ يضرب وتسقط فى يديه رسالتى، ويصل بها إلى حيث الرئيس شخصيا.. وسيكون فيها الكلام التالى..
( سيدى الرئيس الضيف.. رئيس الدولة المتقدمة والمحترمة.. أعلم تماما مشاغلكم ومالديكم من أزمات تأبى الحل، ولكن أسمح لى بأن أجعلكم وسيطا لا أكثر لنقل تلك الكلمات إلى الرئيس المصرى حينما تقابله، أنت تعلم بالطبع أننا لا نشاهد رؤسائنا إلا عبر شاشات التليفزيون، ولهذا أرجوك أن تخبره، أنه شعبه فى حاجة إلى ما هو أكثر من علاوة اجتماعية سنوية يتم استقطاع أموالها من جيوب الغلابة دون أن يدروا، وأن تعليماته التى نقرأها فى الصحف صباح كل يوم تتبخر بمجرد أن نفترش تلك الجرائد على الأرض.
لنجعل منها ترابيزة سفرة متواضعة، قل له إن الرجال الذين حملهم أمانة رعايتنا وخدمتنا يستوردون لنا قمحا مسمما، وأغذية فاسدة، وكلما أثبتنا تورطهم فى جريمة ما خرجوا منها كما تخرج الشعرة من العجيبن، أخبره يا سيادة الرئيس أن المرضى فى بلده يقفون بالطوابير أمام المستشفيات، وإن طاوعهم الحظ ودخلوا المستشفى، يبقى أمامهم طابور آخر فى انتظار سرير، وإن جاءهم السرير، تهرب أرواحهم من أجسادهم خوفا من إهمال الطبيب، أخبره بأن الوزراء والقريبين منهم ومن السلطة لم يعد يشغلهم سوى السطو على أراضى الدولة وإهدار مالها، أخبره بألا يصدق صحف الحكومة وتليفزيونها لأن الفقر أصبح سيد الموقف فى الشوارع لدرجة أن الأطفال أصبحوا سلعة بيع رائجة لسد حاجة الأسر، والاستغناء عن عضو فى الجسد أصبح يتم مقابل شقة أوضتين وصالة نص تشطيب ومش بحرى كمان!.
قل له ياسيادة الرئيس، شعبك فى حاجة لأن ينام دون أن يخشى سكين سارق أو بطش جهاز أمنى، شعبك فى حاجة لأن يتكلم بحرية لا أن يكتب بالألغاز على هامشها الذى يعايرنا به إعلام الدولة الرسمى ليل نهار، أخبره يا سيدى الرئيس أن الرسالة التى تحملها لم تكن لتصل إليه لأن موظفى البريد مثلهم مثل موظفى مصر ينامون على الأرصفة فى حالة تظاهر من أجل حقوقهم الضائعة، من أجل بدل أو ترقية يغنى أولادهم عن ذل السؤال أو معاناة اشتهاء طعام لا يجدوه!).
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة