د. فتحى حسين

مخاطر الجامعات الخاصة فى مصر

الجمعة، 20 أغسطس 2010 08:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتعدد المخاطر الناجمة عن الجامعات الخاصة فى مصر، وهى مخاطر كثيرة لا تعد ولا تحصى.. تؤثر على مستقبل البلد وتضرب العمود الفقرى لها- هم الشباب- فى مقتل. وأتفق مع الدكتور حسام البدراوى المفكر والأكاديمى فى كل ما طرحه بشأن التعليم فى مقالاته التى نشرها منذ أسابيع فى المصرى اليوم، ولكن لم يحدث شيئا على أرض الواقع، وكأن أمر هذه البلد- والذى يمثل فيها التعليم شيئا أساسيا وجوهريا – لا يعنينا. وتركيزى فى هذا المقال على الجامعات الخاصة فى بلدنا.

فعندما سمحت الدولة بوجود هذه الجامعات على أرض الكنانة مصر فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى تفاءل الناس خيرا ومنبع هذا التفاؤل هو إمكانية إلحاق أبنائهم الذين فشلوا فى الحصول على مجموع كبير يؤهلهم للالتحاق بأحدى كليات الجامعات الحكومية بأن يلتحقوا بإحدى الكليات والمعاهد الخاصة التى انتشرت مؤخرا فى مصر كانتشار النار فى الهشيم. حتى أطلق عليها البعض مسمى "سبوبة" التعليم الجامعى الخاص. فكان السبيل الوحيد أمام هولاء الطلاب هو هذه الجامعات التى لا تشترط المجموع فى معظم الكليات والمعاهد..

فقد يلتحق الطلاب الحاصلون على مجاميع ما بين 50% و70% فى كليات مثل الطب والهندسة والإعلام فى مقابل زيادة الرسوم الدراسية بدرجة كبيرة لتصل إلى ما يقرب من 50 ألف جنيه كمصروفات للطالب المصرى وما يعادلها للطالب العربى فى بعض الجامعات الخاصة التى تهدف فى المقام الأول للربح المادى ثم الربح المادى ثم بيع– أقصد منح الشهادات– لمن دفع المصروفات والذى منه ثم الرسالة التعليمية والأخيرة عملية نسبية تماما فليس هناك رسالة تعليمية بالمعنى المتعارف عليه فى بعض الجامعات الحكومية المحترمة، وإنما هى مجموعة عمليات من الحفظ والتلقين والصم دون فهم للمادة أو التفكير فيها وتدبر المعانى والمضامين التى تحويها المادة المدروسة والاعتماد الكلى على الغش فى الامتحانات النهائية من خلال تصغير أهم أجزاء المادة، والتى عرفها الطالب من خلال الدروس الخصوصية المنتشرة فى الجامعات الخاصة بشكل مشبوه للغاية وتقوم بإعدادها مكتبات متخصصة منتشرة حول الجامعات بسعر 100 جنيه لعدة وريقات صغيرات وتنتشر مراكز الدروس الخصوصية حول الجامعات الخاصة بشكل كثيف وتحت سمع وبصر هذه الجامعات دون أن يتدخل أحد لغلقها. وهى عبارة عن شقق ومكاتب مفروشة يتوافد عليها الطلاب المصريين والعرب من كل فج عميق ليشهدوا الأجزاء الهامة فى المادة أو بالأحرى أسئلة الامتحان ويدفع الطلاب مبالغ طائلة للمحاضرة الواحدة تصل إلى 2000 جنيه للفرد الواحد.. ومن أكثر رواد هذه المراكز هم الطلاب العرب الذين يحضرون قبيل الامتحان النهائى بأيام – أو بيوم - ولا يعرفون شيئا عن المواد الدراسية بالطبع ثم يتعاقدون مع هذه المراكز لدروس الخصوصية التى يحاضر فيها أساتذة من الجامعات الخاصة.. هذا علاوة على إجبار الطلاب على شراء كتب وملازم ورقية بسعر 90 أو 100 جنيه للكتاب أو الملزمة التى لا تتعدى صفحاتها العشرين ورقة!

هذا غير أن أعضاء هيئة التدريس المعينين قليلون جدا والباقى يتم انتدابه من الخارج من أجل توفير النفقات والحصول على المعادلة من المجلس الأعلى للجامعات، حيث إن أغلب هذه الجامعات لا تلتزم بالشروط والأعراف الجامعية ونظام الجودة المعمول به فى الجامعات المصرية، بالإضافة إلى قاعات المحاضرات فى الجامعات الخاصة تجدها خالية تماما من الطلاب خلال الدراسة إلا القليل، وهذا مخالف لنظام الجودة والاعتماد المتعارف عليه، ناهيك عن أنها قاعات غير مجهزة للتدريس للطلاب الذين يدفعون مبالغ طائلة!

كما أن عمداء الكليات فى الجامعات الخاصة يتم اختيارهم بمعايير غريبة للغاية، وهى مدى قدرة كل عميد على تحصيل الأموال من الطلاب مثل الاشتراك فى الندوات والرحلات واستخدام الاستوديوهات والمعامل الكلية ومشروعات التخرج ومصاريف الرسوب.. الخ ولا يقول سوى حاضر لرئيس الجامعة حتى لا ينهى تعاقده الذى يتقاض منه أكثر من سبعة أضعاف راتبه بالجامعة الحكومية، ناهيك عن ظاهرة بدأت تنتشر فى السنوات الأخيرة فى هذه الجامعات وهى ما يتردد عن تناول المواد المخدرة بالجامعة من قبل الطلاب والطالبات مثل تناول البانجو وشرب السجائر بشراهة ومعاكسة البنات ومشاجرات بين الطلاب بالمسدسات أحيانا وبالجنازير والمطاوى والأسلحة البيضاء من أجل الفوز بفتاة مثيرة.

وقد حدثت واقعة شهيرة العام الفائت فى إحدى الجامعات الخاصة بـ6 أكتوبر مشاجرة ومطاردات بين طلاب من أجل فتاة تدرس بالجامعة، فأين التعليم وسط كل هذا؟ وأين الرسالة التعليمية؟ وأين الرقابة على الجامعات الخاصة من قبل وزير التعليم العالى الذى يستمتع كثيرا بالجلوس فى مكتبه الفاخر والمكيف بدلا من مجازاة أصحاب هذه الجامعات الخاصة وهم من رجال الأعمال الذين قد لا يحملون مؤهلا دراسيا معهم ولا علاقة لهم بالتعليم ويهتمون فقط بالمكسب السريع.

وأين الإعداد الجيد للشباب الذى من المفترض أنه سيقود سفينة البلاد فى المستقبل الغامض الذى يحيط بنا من جميع الجهات من صراعات على المياه وتربص الأعداء بنا من كافة النواحى. فإذا كنت تريد أن تحصد خير زراعتك فى أبنائك ففكر ألف مرة فى التحاق أبنائك بالجامعات الخاصة فى مصر فهى ليست جامعات وإنما أماكن خاصة!! وسؤالى الأخير هو:
أين محراب العلم بعد أن تحول إلى محراب للفلوس والكسب باسم التعليم الجامعى الخاص؟.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة