شغلت نفسى أياما طوال بالبحث عن الفرق بين الفنان الصاعد أحمد مكى فى مسلسله الجديد "الكبير"، والسياسى الفولاذى أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى؟.. حتى توصلت إلى يقين بأنه لا فرق واضح سوى بضعة أصفار فى الرصيد البنكى، لكنهما فى المقابل يتشابهان فى كثير من الأمور خاصة بعد أن كشف المسلسل هذا التشابه، فمكى فى "الكبير" جمع من الأشياء التى لم تكن لتتصور منذ عشر سنوات أن تراها فى مكان واحد - صعيدى على فراش الموت يضع فى أذنيه أى باد، أو صعيدية تلعب بلاى ستيشن، أو عمدة مثقف يعرف من هو ويليام والاس فى القلب الشجاع"- ولكن نجح هذا المسلسل أن يجمع تلك الأشياء، ولعل من أسباب نجاحه أن جميع هذه النبوءات بدأت تتحقق بالفعل فى الصعيد.
ستسألنى ما علاقة هذا بأحمد عز، أليس هذا هو الرجل الذى أدخل الحزب الوطنى إلى عصر الديجيتال، وأصبح يتعامل مع أمانات المحافظات بالشات مستخدما لاب توب حديث، أليس هو الذى نشر فى أرجاء المؤتمر السنوى للحزب باقة منتقاة من الشباب اللامع الذى يرتدى بدل شيك وشعورهم مصففة بعناية، أنت منذ عشر سنوات هل كنت تعتقد أن الحزب الوطنى المترهل سيجمع بين هذا التطور المفاجئ، وبين نفس الوجوه والشخصيات القديمة التى لم تعرف الفرق بين صندوق الانتخابات الزجاجية وبين فاترينات العرض، لم يفرقوا بين الحبر الفسفورى، ومطهرات الجروح.
يأتى التشابه الكبير بين مكى وعز أن كليهما يلعب دور العمدة الشيك الذى يختار ملابسه بعناية، الحاكم الجبار الذى يملك ويحكم معا، بينما الشعب مطيع لا يقدر على الشكوى، ولو كان أمين التظيم بالحزب الوطنى يبحث عن شعار جديد للحزب فعليه أن يختار ذلك الشعار الذى يضعه الكبير "مكى" أمام الدوار لرجل يضرب فلاحا ويعذبه بينما يستغيث، أليس هذا هو حال الشعب مع الحزب الحاكم، كما أن هذا الدوار كما الحزب يجمع بين البشر بخصالهم المختلفة "فزاع صاحب الطاعة العمياء، أشرف رمز القوة الغاشمة بلا عقل، جابر الحكيم المخلص، بالإضافة لزوجة الكبير "هدية" والعقل المدبر له ورمانة الميزان فى علاقته مع من حوله"، وكل هذه الشخصيات تتفق فى ولاءها للكبير "مكى"، وهو ما يتكرر فى الحزب الوطنى، الجميع يختلف على أحمد عز لكنهم يتفقون على احترامه وحفظ هيبته ويعترفون بأنه المحرك للحزب والحاكم بأمره فيه.
يتبقى وجه التشابه الأخير بين الاثنين فى علاقتهما بالمعارضين، فالكبير لا يتوانى عن قتل أى مخلوق يخالفه فى الرأى أو يؤثر على مصالحه حتى وإن كان من عشيرته، فيما لا تمهل الآلة الإعلامية للحزب الوطنى فى سحق أى معارض وتشويه سمعته بإشارة من أمين التنظيم، عز ومكى كلاهما لا يتورع أى منهما على إجبار المعارض له بأن يمسك السلك العريان.. لكن الفرق الوحيد بينهما أن مكى هو"الكبير" وسيظل عز هو "الكبير أوى" إلى ما شاء الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة