إذا كان ثمة خبر كبير بالأمس الأحد خلافا لتعادل الأهلى والشبيبة فى استاد القاهرة وإعلان وزير التضامن توزيع أنابيب البوتاجاز بالكوبونات أول يناير المقبل، فهو توقيع الناشط السياسى المصرى– الأمريكى سعد الدين إبراهيم على بيان ائتلاف دعم جمال مبارك للترشيح للرئاسة.
أهمية هذا الخبر تحققت مما يمثله إبراهيم فى الحياة السياسية المصرية والعربية ودوره كوسيط ولاعب أدوار بارزة فى العلاقات الأمريكية العربية، وخصوصا خلال حقبة الرئيس بوش الابن، حيث قام بدور المبشر لأفكار إدارة بوش الابن حول ضرورة تغيير أنظمة الشرق الأوسط الاستبدادية، التى تمثل بحسب قناعات إدارة بوش الابن حاضنة الإرهاب الذى اكتوت منه الولايات المتحدة فى درس 11 سبتمبر.
كان سعد الدين إبراهيم أول من انتقد اتجاه عدد من الأنظمة العربية الجمهورية إلى توريث الحكم بعد وصول بشار الأسد إلى الحكم فى سوريا خلفا لأبيه حافظ الأسد، وكأن هناك اتفاقا بينها على التحول من الشرعية الثورية التى استندت إليها طوال العقود الماضية إلى شرعية جديدة تمزج بين النظام الملكى البائد والنظام الثورى الاستبدادى وإن تزينت بأثواب الديمقراطية الشكلية التى تعتمد على انتخابات شكلية تديرها أجهزة الأمن لتحقيق النسبة المطلوبة.
كما كان إبراهيم أول من صك مصطلح "الجملوكية" الذى يعبر عن الزواج غير الشرعى بين الملكية وتوريث الحكم فى الجمهوريات الثورية ، الأمر الذى جر عليه العديد من المتاعب ، وصلت إلى حد الحكم عليه بالسجن بتهمة تشويه سمعة مصر وقضائه ثلاث سنوات وراء القضبان قبل إطلاق سراحه عام 2003 بعد أن برأته محكمة النقض.
فى هذا السياق، يأتى توقيع إبراهيم على بيان ائتلاف دعم جمال مبارك الذى يعد بمثابة حجر ثقيل فى مياه الحياة السياسية ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية ورئاسية ، حيث تستعد مختلف أطياف العمل السياسى للتأكيد على وجودها وانتزاع حصص فى مجلس الشعب المقبل، وإعلان موقف واضح من الانتخابات الرئاسية الوشيكة، مع غموض موقف مرشح الحزب الوطنى الحاكم، هل الرئيس مبارك هو مرشحه الوحيد، على حد تعبير صفوت الشريف الأمين العام للحزب أم أن جمال مبارك هو الوجه المطروح للحزب على حد تعبير على الدين هلال أمين الإعلام بالحزب؟
فى هذا السياق أيضا يبدو توقيع إبراهيم بمثابة إشارة أمريكية مبدئية بدعم تيار جمال مبارك ، سواء على مستوى الحزب الوطنى أو الحركات ذات الصبغة الشعبية مثل ائتلاف الكردى وشركاه ، كما يبدو توقيع إبراهيم إشارة سلبية لحركات المعارضة الرافضة للتوريث، وكذلك لجماعة التغيير، حيث بات من الواضح لدى الإدارة الأمريكية أن أطياف المعارضة الداعية إلى التغيير غير قادرة عليه، وغير قادرة على تحريك الشارع أو قيادته، الأمر الذى فهمه جيدا وعبر عنه فى رد فورى انفعالى جورج اسحق المنسق السابق لحركة كفاية بقوله، إن توقيع إبراهيم على بيان ائتلاف دعم جمال مبارك يمثل إساءة لإبراهيم نفسه أو بمعنى آخر يمثل تخليا عن صورته كمعارض للتوريث ويفتح صفحة جديدة للتعامل مع النظام المصرى، مما يوضح إلى أى مدى أربك توقيع إبراهيم لجمال مبارك فصائل المعارضة وقلب حساباتها بخصوص الموقف الأمريكى.
إبراهيم يفسر توقيعه على بيان ائتلاف جمال مبارك بقوله "مجدى الكردى منسق حملة ترشيح جمال مبارك اتصل به وطلب لقاءه الأحد بمركز ابن خلدون وعندما حضر سألنى: هل أنت مع حق ترشيح جمال مبارك لمنصب الرئيس؟ فأجبته أنى أوافق على حق أى شخص للترشح لهذا المنصب بصفته مواطنا وليس ابنا للرئيس ، واعترفت بحقه مثل باقى الأسماء المطروحة والتى من بينها الدكتور محمد البرادعى والدكتور أيمن نور والنائب حمدين صباحى"، أى أن إبراهيم يردد نفس كلام الدكتور على الدين هلال وغيره من أقطاب الحزب الوطنى المؤيدين لانتقال السلطة لجمال مبارك، ولاحظوا أنه يقوله قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس إلى واشنطن .. إذن نحن منتظرون الخطوة التالية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة