أنا أعلم أن حسام البدرى يحب النادى الأهلى ومخلص له تماما، ويريد له الصالح حتى لو على حساب مصلحته الشخصية، وأعلم أن حسن حمدى رئيس النادى وكل أعضاء مجلس الإدارة يعشقون الفانلة الحمراء ويتمنون المجد والانتصار لناديهم العريق، ومن هذا المنطلق أدعوهم لأن يواجهوا أنفسهم بالحقيقة الواضحة بدون انتقاص من قدر أحد، أن حسام البدرى ليس الربان القوى القادر بأى حال من الأحوال على قيادة سفينة نادى القرن فى أفريقيا.
أقول ذلك وأنا أشد على يدى حسام البدرى الذى حمل مهمة قيادة الأهلى فى وقت عصيب بعد رحيل جوزيه، واستطاع أن يحافظ على بطولة الدورى، المفضلة بين أحضان الجزيرة، الأمر الذى دفع مجلس الإدارة للمراهنة عليه لإكمال المسيرة لاعتبارات عديدة رأوها منطقية، فى مقدمتها إخلاصه وانتماؤه لتقاليد الأهلى وطول ملازمته للموهوب مانويل جوزيه، ومغالاة مدربى الصف الأول الذين حاولت الإدارة التعاقد معهم فى أجورهم، واعتذار فينجادا فى وقت صعب بداية الموسم الماضى، بالإضافة لظروف مالية صعبة كان يمر بها النادى بعد عزوف عدد من رجال الأعمال الأهلوية عن تمويل الصفقات ومرتب المدرب الخواجة فى ظل الأزمة المالية العالمية.
تساءل مجلس إدارة الأهلى: ولماذا لا نجرب حسام البدرى خلال مرحلة انتقالية عاما يستطيع أن يتحمل النادى خلاله عدم الفوز بالبطولات وهو المتخم بها على مدى عدة مواسم متتالية، على أن تكون مهمته تجديد دماء الفريق بالعناصر الشابة والمرور بمرحلة الإحلال والتجديد بسلام وبدون خسائر مدوية، فإذا نجح البدرى فى تحقيق كرامة يستمر، وإذا أخفق يادار ما دخلك شر، ويأتى الخواجة بالغالى ليدير.
والحق أن حسام البدرى حقق عدة كرامات من النوع الشعبى الذى قد يبهر الجمهور العادى ويعطى مجلس الإدارة الشعور بالرضا الجماهيرى، فاز بالدورى، وهزم الزمالك فى الكأس بروحه الجديدة هزيمة مذلة، واستطاع تصعيد عدد من المواهب المبشرة..
إذن البدرى قادر على أن يفعلها ويكمل مسيرة الخواجة بمميزات إضافية، منها المرتب المصرى الذى يوفر مئات الألوف من الدولارات وبناء فريق للمستقبل بعيدا عن سياسة جوزيه التى اعتمدت على اللاعب الجاهز فقط واستقلاله التام بقراراته الفنية ووضعه معايير صارمة للمنضمين لأصحاب الفانلة الحمراء والتضحية فورا بالمستهترين أو أصحاب المستوى المتذبذب وغير القادرين على استيعاب تكتيكاته وتنفيذها بدقة.
لكن العين البصيرة تكتشف فورا أن كرامات حسام تداخلت فيها عوامل عديدة، منها تراكم الخبرات الذى تحقق لدى اللاعبين الكبار على يد جوزيه، مما جعلهم ينهون مباريات كثيرة فى الدورى بحلولهم الفردية، وسطوع نجم المواهب الشابة الذين صعدو أولا فى منتخب الشباب بقيادة التشيكى سكوب وهانى رمزى، ثم تلقفهم البدرى وأعطاهم أنصاف الفرص التى تراجع عن منحها لهم لمصلحة نجوم قل عطاؤهم أو طيور مهاجرة عادت للنادى وكان أفضل لها أن تظل مهاجرة.
العين البصيرة تكتشف أولا وقبل كل شىء، ضعف البدرى فى بناء فريق متجانس مكتمل الصفوف، يستطيع أن يبدع فى الملعب من خلال تكتيك المدرب وحلوله الفنية وجمله التى يدرب عليها لاعبيه، على العكس من ذلك تجد الفريق يؤدى معظم المباريات خائفا مهتزا مرتعشا، كما يبدو مفتقرا للمهارات الأساسية فى كرة القدم مثل مهارات نقل الكرة بإتقان والتسليم والتسلم والتحرك بدون كرة والتسديد المحكم من زوايا الملعب المختلفة، واستغلال أنصاف الفرص، ناهيك عن الفرص المؤكدة، وكلها مهارات أسهم غيابها أو اهتزازها فى ضياع بطولات ومباريات مؤثرة ، لعل آخرها كأس مصر التى خسرها الفريق بضربات الترجيح، أو مبارتى الشبيبة اللتين شهدتا عجزا فاضحا من اللاعبين عن تنفيذ جملة متكاملة أو إنهاء هجمة بصورة مرضية.
غاب عن مجلس إدارة الأهلى أن اللاعبين على روح مدربهم، حتى وإن أظهر غير ما يبطن من انفعالات وآراء، فإن كان مقاتلا تجدهم مقاتلين فى الملعب، وإن كان ينشد الستر والسلامة تجدهم مثل لاعبى الأهلى خلال الفترة الأخيرة يركلون الكرة بتمريرات عرضية كأنما يتخلصون منها وكل منهم يعلن تخليه عنها إلى زميله كما لو كان يتخلص من قنبلة، ولذلك تجد معظم أهداف الفريق من خلال جمل تقليدية مكشوفة يستطيع إفسادها فريق على قدر متوسط من الفهم والحماس والصلابة مثل فريق الشبيبة.
فريق الأهلى الذى نحبه جميعا، باختصار أصبح حاله مثل حال مايك تايسون عندما عاد إلى حلبة الملاكمة مجبرا بعد اعتزاله لمجرد كسب النقود لتسديد ديونه، ورأى العالم أجمع كيف تحول الدبابة البشرية إلى كهل متراجع لا يستطيع حماية وجهه من ضربات خصومه الذين كان يستطيع سحقهم فى عنفوانه خلال الثوانى الأولى من المباريات.
لا ، لا نريد للمارد الأحمر أن يكون فى الملعب مثل تايسون فى حلبة الملاكمة بعد اعتزاله، ولا يحركنا فى ذلك المستوى الهزيل للفريق خلال مباراة الشبيبة وما قبلها من مباريات، ولسنا ممن يحاسب المدربين بالقطعة، لكننا فى الوقت نفسه نهمس فى آذان أعضاء مجلس إدارة الأهلى قائلين بأن أسطورة الاستقرار ليست هى العلاج المناسب حاليا، وما زلنا فى بداية الموسم ونستطيع استدراك الموقف بمدرب يعرف الأهلى ولاعبيه، أفضل من العناد والمضى حتى آخر الشوط إلى الخسارة التى تخصم من رصيد النادى وإنجازاته.
أما البدرى فنهمس فى أذنه قائلين: يابدرى أنت جندى مخلص من أبناء النادى وتصديت لمهمة انتحارية فوق طاقتك وقدرتك، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، نشكرك على جهودك، لكن الأهلى يحتاج إلى جنرال أركان حرب، واضع خطط، وصانع تكتيكات قتالية داخل الملعب، وليس جندى مشاة مهما بلغت شجاعته وقدرته على التحمل.. ارحل يابدرى .. الأهلى كبير عليك.