هانى صلاح الدين

دولة الكنيسة وكنيسة الدولة

الجمعة، 06 أغسطس 2010 12:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لاشك أننا نكن كل احترام وتقدير للمقدسات والأديان السماوية، وننزهه كل التنزيه، فكلنا نطأطئ الرؤوس احتراماً وإجلالاً للكتب السماوية والأنبياء والرسل، فالمعتقدات خط أحمر لا يستطيع أحد أن يتجاوزه، لكن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا المنزهون المعصومون الأنبياء والرسل، لذلك أى مؤسسة دينية تديرها مجموعة من البشر، فهى ليست فوق المساءلة، بل ويجوز فى حقها الحسب والعقاب، فإذا أخطأت نقول لها أخطأت، وإذا أحسنت نقول لها أحسنتِ.

لذا والأزهر والكنيسة وهما المؤسستان الدينيتان الرسميتان فى مصر، لابد أن يكونا تحت إطار الحساب والنقد، ولعلنا رأينا أكثر من مرة مشايخ الأزهر وهم يتعرضون للنقد المباشر والمراجعة الفورية، فلا تقديس للأشخاص فى أعراف الأديان، ومن هذا المنطلق سأتعرض لأمر مهم حول أداء الكنيسة المصرية ودورها فى المجتمع المصرى، فالملاحظ أن هناك حالة من الارتباك فى أدائها، فالكنيسة تقوم بدورين متناقضين يثيران الاندهاش.

فالدور الأول أنها تقوم بدور الدولة، وتعتبر رعاياها شعباً خاصاً بها، وترفض الخضوع للأعراف والقوانين المدنية السائدة بالوطن، ولعل خير دليل على ذلك إخفاء المتحولات دينيا مثل وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة فى الأديرة بشكل فيه إجبار لهن، ضاربين بحرية الاعتقاد والحرية الشخصية عرض الحائط، وأيضا رفضها إخضاع كافة الأديرة للتفتيش الصحى والاجتماعى والقضائى والأهلى والأمنى من قبل الدولة ومؤسساتها الرسمية المعنية، حيث أكد عضو المجلس الأعلى للأقباط، القمص صليب متى، أن الأديرة والكنائس لا تتلقى معونات من الدولة، وجميع مصادرها تمويل شعبى وبركة من الله، فليس من حق أى جهة رقابية أن تتدخل فى شئون الكنيسة إلا البابا والمجمع المقدس، وأضاف "لو أخضعت المساجد لرقابة كتلك فلا مانع من إخضاع الكنائس"، وأنا أُكد له أن المساجد تحت الرقابة 24 ساعة، وأن كل مسجد به عامل تابع لأمن الدولة يتابع المصلين، ويكتب عنهم تقريراً فى كل صلاة، فلماذا لا تكون الأديرة تحت رقابة الدولة ويسمح بتفتيشها.

كما وجدنا أن بعض القساوسة المتشددين صمموا على نزع وطنية إتباعهم للدولة، وربطوا ولاءهم بالكنيسة ككيان سياسى وليس كياناً دينياً فقط، فكلما حدث حادث فيه تشابك بين المسلمين والمسيحيين وجدنا الكل يذهب للكنيسة ليتظاهر، بدلا من ان يخرجوا للشارع كمصريين يريدون التعبير عن رفضهم لأى شىء، كما حول المتشددون المدعمون من أقباط المهجر الأديرة والكنائس لمنابر سياسية بما يخالف ثوابت العقيدة المسيحية التى تؤكد أنها ترفض الانشغال بالسياسة، بل وبدأوا يبثون روح التحفز بين الشباب المتحمس.

أما الدور الثانى الذى تلعبه الكنيسة فى بعض الأحيان، فهو دور التابع الأمين للنظام فى بعض الأحيان إذا مس الأمر نظام الحكم، فتكون كنيسة الدولة فى هذا الوقت، فتارة تمنع أتباعها من العمل السياسى وتحثهم على اعتزاله، وتحرم إخواننا المسيحيين من حقهم فى المشاركة السياسية الإيجابية التى تخدم مصلحة الوطن، لتترك الساحة للنظام الحاكم يفعل بوطننا ما يشاء، بل وصل الأمر إلى أن قيادات الكنيسة الأرثوذكسية أعلنت أنها ليس لديها مانع من تأييد ترشيح جمال مبارك للرئاسة، وكأنهم يفرضون شخصاً بعينه على أتباع الكنيسة دون الرجوع إلى هؤلاء الرعايا الذين من حقهم تقرير هذا الأمر دون إنابة أحد عنهم.

بل وجدنا أن البابا شنودة الثالث، قرر منع الدعاية الانتخابية داخل الكنائس حفاظا على ما سماه مبدأ "فصل الدين عن السياسة"،و بهذا القرار تم حرمان المتطلعين للمشاركة السياسية من عرض أفكارهم على بنى عقيدتهم، فى حين تسمح الكنيسة لقيادات الحزب الوطنى أن يجول الكنائس من أجل طرح أنفسهم على الرأى العام المسيحى، ولا أدرى لما هذه التفرقة.

إنها مواقف متناقضة تحتاج لحسم، وعلى قياداتها أن تنهى حالة الانفصال التى تعيشه الكنيسة المصرية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة