يمثل الانفصال بين القول والفعل خطرا كبيرا على الحالة النفسية للفرد وللجماعة، لأنه يخلق مستويين من التعامل، لسانا عذبا وفعلا قبيحا، وبالتالى يسود القبيح ويتبخر الكلام العذب، وتتواجد عدم ثقة فى كل مستويات الكلام الفردى والاجتماعى والحكومى.
وبالقطع يؤثر ذلك على الحركة الإنتاجية وعلى الإتقان فى الإنتاج، ويعد هذا على المستوى الدينى نفاقا، والمنافق فى الدرك الأسفل من النار بسبب الدمار الذى يلحقه بالمجتمع وبالنفوس البشرية، وكان النبى صلى الله عليه وسلم لا يصلى على منافق، وكذلك الصحابة.
لو أدرك هذا الصنف من البشر حقيقة ما ينتظره فى الآخرة من عذاب على فعله، لفكر ودبر وتراجع عن فعلته الفاحشة، لكن للأسف لا يدرك هذا النوع من البشر «أنه قول جد وليس بالهزل» وأن ما توعد الله به المنافقين وغيرهم حق وواقع لا محالة، فالكيّس يفعل ما ينقذ به نفسه، وليس الكيّس من يضحك على الناس، ويأخذ منهم ما ليس له سواء كان هذا الشىء ماديا أو معنويا.
ذكر القرآن: «إن المجرمين فى ضلال وسعر .. يوم يسحبون فى النار على وجوههم ذوقوا مس سقر»، وروى أن كعب الأحبار قال لسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه: «لو لقيت الله بعمل سبعين نبيا لخشيت أنك لا تنجو من هول ذلك اليوم»، وقال الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا يأمن «مكر الله ولو كانت إحدى قدميه فى الجنة» هذا ليظهر حجم الخشية التى فى قلبه لأنه يعلم «وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها».
إن الأزلية تنتظر الإنسان إما أنها أزلية من النعيم والأنوار والرحمات والبركات، وإما أزلية فى سقر، وما أدراك ما سقر، ولكن لابد من أجل الحصول على النعيم الأزلى العمل الطيب المثمر ظاهرا وباطنا لنفسه وللآخرين، «نعم أجر العاملين» الذين عملوا وصبروا وجاهدوا بالمال وبالنفس، إنهم بؤر من النور يسعى نورهم من حولهم ليضىء للناس ويضيىء الحياة أيضا، إن العدل الإلهى يحتم الإحسان لأهل الإحسان والعقاب لمن غرته الحياة الدنيا، وعاش على أمل زائف بأنه لن يلقى ربه فرعون صغيرا مصيره الخسران المبين، لأنه اختار العمى على الهدى. أما من تاب وندم على ما فعل وعاد إلى رشده فإنه سيجد ربا غفورا رحيما يبدل سيئاته حسنات.