◄◄ المواصلات مشكلة حياتنا حاولت تحلها بالكرسى المتحرك أو بالحنطور مانفعش
زواج الأقارب كان السبب فى وجودها فى الدنيا والسبب فى معاناتها طوال 27 عاما هى عمرها كله. بدأت قصتها يوم ولادتها والذى تحول من فرحة بالمولود الجديد إلى حزن وبكاء على الطفلة غريبة الشكل.
تقول ندى عادل محمد حسن، مدرسة لغة إنجليزية بالبحيرة: «بدأت مأساتى منذ لحظة ميلادى، فبسبب زواج الأقارب، ولدت بدون أطراف طبيعية «أيد ورجل» وبدل ما أدخل الدنيا فكرت جدتى تخرجنى منها، وشاركها الرأى عماتى ففكروا فى موتى شفقة على، ولكن إرادة ربنا فوق كل شىء، رفضت والدتى الفكرة، وأصرت أن أعيش اعتقاد منها أنى هبقى أحسن واحدة فى الدنيا».
وتضيف ندى: «المرات القليلة اللى شفت الشارع فيها كان من خلال عمى اللى كان يشلنى على كتفه عشان يورنى الشارع والناس والأطفال، ماكنتش قادرة أمشى لحد ماكملت 6 سنين، وفكرت والدتى أتعلم وأروح الحضانة زى أى طفل فى السن دى، وفعلا رحت الحضانة بس يارتنى ما رحت، كان الأطفال بتخاف منى وبيحسبونى مخلوقة تانية بتخوف، وبعضهم كانوا بيضربونى من غير ما أقدر أدافع على نفسى».
وتستكمل ندى حكايتها: «ماقدرتش أكمل، طلعت من الحضانة، ومع بداية الدراسة اهتمت والدتى بتقديم أوراقى لأقرب مدرسة علشان أتعلم، رغم رفض والدى علشان نظرات الناس ما تجرحنيش وتعذبنى.
«نجحت فى الابتدائى بتفوق ودخلت المرحلة الإعدادية وبعدها الثانوية، كان نفسى أدخل كلية طب أطفال علشان أخفف الألم عن أى طفل بيعانى زيى، بس للأسف الوزارة رفضت لأن كلية الطب كلية عملية ماقدرش عليها، فقدمت أوراقى فى كلية الآداب ودخلت الكلية وفرحت إنى هبعد عن قسوة البشر وهشوف ناس تقدر ظروفى، لكن تفكير البشر ما بيختلفش، ظل شكلى الغريب حاجزا بينى وبين البنات، وفى آخر سنة تانية حصل لى موقف محرج، واحدة ضربتنى عشان بتحسبنى بمشى على رجلى، ولما وقعتنى قالتلى قاعدة كده ليه قومى أوقفى، انجرحت جرح كبير، وقررت ماكملش دراسة، ولكن تراجعت بسبب إلحاح أهلى والمقربين».
«المواصلات كانت مشكلة حياتى منذ دخولى المدرسة حتى هذه اللحظة، ففى طفولتى وجدت أمى أن كرسى بعجل حل لمشكلة المواصلات وفرحت إنى هقدر أتحرك فى البيت وفى الشارع، ولكن بقيت مشكلة مين هيشد الكرسى، اتفقت والدتى مع ناس ترافقنى وتدفع الكرسى، كانت بتلاقى بس ممكن يوم واتنين وميطولش، وأكترهم كانوا بيسبونى فى وسط الطريق، فضلت سنوات الابتدائى بالكرسى كل يوم واحد يسحبنى، وقررت أسيب الكرسى خالص، ووالدتى اتفقت مع حنطور يوصلنى- لكن صاحب الحنطور كان بيضاعف سعر التوصيلة علشان ظروفى، وكتير جدا كان بينسانى قدام المدرسة، وأحيانا فى وقت الشتاء كنت ببكى لأنى مش قادرة أروح».
«أنهيت الدراسة وحصلت على تقدير ممتاز، وبدأت رحلة البحث عن عمل لأن الفراغ كان بيموتنى، للأسف المدارس كانت بترفض لأنى أقصر من السبورة، حتى كان اليوم اللى اتفتحت لى طاقة نور، طلبت منى جارة أساعد ابنتها الضعيفة فى الإنجليزى وكانت فرصتى، البنت اتعلمت وبقت شاطرة، واتعرفت بين الجيران وجاءت لى فرص للشغل، ومعظم الأولاد اللى بدرّس لهم بيطلعوا من الأوائل.
وفضلت مشكلة المشى، بتغلب عليها بالتاكسى، حتى لو عايزة أعدى الشارع لأنى بتعب من المشى لأقصى درجة، وفكرت أشترى السيارة المجهزة للمعاقين ولكن للأسف القومسيون رفض لأن إيدى قصيرة ماقدرش أتحكم فى القيادة».
واليوم تقف ندى على باب المسؤول عن سيارات المعاقين بطلب استثناء لمرافق يقود سيارتها، وهى تصرخ بكل قوتها: تعبت من سخرية الناس، نفسى أشترى سيارة أشعر فيها بآدميتى وكرامتى قبل بداية الدراسة حتى لا أعود لنفس الدائرة الضيقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة