"الذين يعرفون القليل يتحدثون كثيراً، أما الذين يعرفون الكثير لا يتحدثون قليلاً، هكذا تكلم برنارد شو قبل سنوات طويلة، وأقواله تنطبق إلى حد كبير على مانراه وما نسمعه ونشمه فى الأجواء السياسية من حالة الحنجلة التى أصابت الجميع، حيث يمكن أن نضيف بأن الذين لا يعرفون شيئا هم أكثر الناس كلاما وضجيجا، واستعراضا بلا طحن ولا خطوة للأمام.
ومع أنها حالة زحام تدور فى الفضائيات وعلى صفحات الفيس بوك، فإن أغلبها يدخل فى سياق الحنجلة السياسية، التى بلا طحن ولا شىء. والتى تنتهى بأن تصيب الناس بالإحباط، وتشعرهم أن التغيير مستحيل، ربما لأن الزعامات أكثر من الجنود، والنظريات أكثر من الأفكار الإيجابية. المواطنون الذين يواجهون الفساد والفقر والغلاء، ينتظرون من يفسر لهم سبب ماهم فيه. ويقدم لهم أكثر من" الشو".
مجهول يعين نفسه قائدا لحملة جمال مبارك للرئاسة، ويقدم عروضا مكررة بحثا عن موقع أو رد جميل، ويمثل دور "جامع التوقيعات" ردا على حملات الجمعية الوطنية التى تجمع توقيعات على مطالب دستورية وسياسية.
المدعو كردى يرفع شعارات من نوعية توافق لا تصارع، ويكرر تجارب لمنافقين محترفين مارسوا النفاق مع الرئيس مبارك وحصلوا على الثمن عضوية فى مجالس الشعب والشورى، أو موقعا فى لجنة أو هيئة، الكردى بعث التوريث من الضباب، وأعاد الحملة الادعائية بشكل لا يخلو من كوميديا، لكنها كوميديا أقرب للمسخرة، وبدا أن هناك أطراف فى النظام تلعب بعرائس ماريونيت، جسا للنبض أو تسخينا للأجواء.
وفى المقابل لم تخل الحملات المضادة من كوميديا، فقد رفع انصار أيمن نور حملة مضادة تحت شعار مصر كبيرة عليك فرد الجماليون بأن "مصر بعيدة عن شنبك"، وهو ما أعاد حملات ما يحكمش وما يصحش وأنا مالى.. إلى آخر الشعارات التى أفرغت الموضوع من مضامينه، فلا صراع ظاهر ولكن لهاث على مواقع وكاميرات، بينما غابت السياسة واختفى التنافس وضاعت المطالب وسط زحام الشعارات الفارغة.
جمعية البرادعى نفسها تشققت، وفقدت بريقها بالرغم من استمرار الحملات، وفى الطريق اختفت حركة كفاية، التى يزعم كردى الجمالاتى أنه كان عضوا فيها، جمعية التغيير فقدت بريقها لأن بعض قادتها طمعوا فى الغنائم قبل خوض المعارك، وطالبوا بجنى الثمار قبل أن يبذروا البذور، وتحدثوا أكثر مما تحركوا، أمامنا نظريات أكثر من أفراد الشعب، وزحام يدور أغلبه فى الفضاء الإلكترونى الافتراضى. وإذا كان المثل يقول إن "أول الرقص حنجلة"، فإن مانراه لم يتجاوز الحنجلة، التى لا تنبئ بأنها ستتحول إلى رقصات، والنتيجة أن الحراك كله اختصر فى برامج توك شو، وأبواق انتابتها شهوة الحديث، واستحبت الحنجلة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة