بعد اجتماع طارئ للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فى مدينة رام الله خرج "ياسر عبد ريه" أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على العالم بوجهه الوسيم، رغم تقدم السن، مؤكداً على قبول منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى، لإجراء محادثات سلام مباشرة مع إسرائيل، مما يمهد الطريق أمام أول محادثات مباشرة منذ أواخر عام 2008 تحت غطاء الشرعية الفلسطينية التى تمثلها "منظمة التحرير الفلسطينية"، وأكد القيادى الوسيم أن "عدم التزام إسرائيل بوقف كامل للبناء الاستيطانى على الأراضى التى تحتلها سيعرض المحادثات للخطر".
ووافقت إسرائيل فعلاً على لسان رئيس وزرائها "نتانياهو" على الدعوة التى صدرت من الولايات المتحدة لبدء مفاوضات مباشرة فى اليوم الثانى سبتمبر بين الرئيس الفلسطينى "أبو مازن" ورئيس الوزراء الإسرائيلى "نتانياهو" وقد رحب كل من "أبو مازن" و"نتانياهو" ببيان للجنة الرباعية الدولية للسلام فى الشرق الأوسط، والذى دعا إلى الانضمام إلى محادثات سلام مباشرة فى أول شهر سبتمبر، وانبرى "صائب عريقات" كبير المفاوضين الفلسطينيين الذى يرى دائماً أن "الحياة مفاوضات" مؤكداً على أن "الذى صدر فى نيويورك باسم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وروسيا والأمم المتحدة يحتوى على العناصر اللازمة للتوصل إلى اتفاق سلام"، وكان الرئيس المصرى "حسنى مبارك" قد أبلغ الرئيس الإسرائيلى "شمعون بيريز" بضرورة توافر ثلاث ركائز لإنجاح المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، هى ضرورة استنادها إلى مرجعيات واضحة، وأن تجرى وفق إطار زمنى محدد، وأخيراً تهيئة الأجواء المواتية لإنجاحها عبر إجراءات لبناء الثقة، ما يتطلب توقف الجانب الإسرائيلى عن أى مواقف استفزازية تعرقل سير المفاوضات وتهدد بفشلها، وذكرت جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلارى كلينتون" ستعلن استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين بعد عشرين شهراً على انقطاعها، وأن الصهيونى "بنيامين نتانياهو" والفلسطينى "محمود عباس" اتفقا على تحديد مهلة قصوى قدرها سنة لتحقق المفاوضات نتيجة مما يحقق هذا أحد أهم طلبات الرئيس "مبارك"، وكان المفاوضون الفلسطينيون قد أصروا سابقاً على الحصول على ضمانات بقيام دولة فلسطينية فى المستقبل على الأراضى التى احتلتها إسرائيل فى عام 1967، كما طالبوا بوقف الاستيطان لكن الإسرائيليين كانوا قد أبدوا استعدادها لإجراء محادثات مباشرة ولكن دون شروط مسبقة، وبدأت الاستعدادات الأميركية – الإسرائيلية تتسارع لبدء المفاوضات المباشرة، بموافقة عربية علنية وضمنية من أغلبية الأنظمة العربية (الموافقين) وصمت القلة من الأنظمة العربية (الممانعين)، ومن الواضح أن إرادة الصهيونى "نتنياهو" هى التى انتصرت فى النهاية، فى غياب الإستراتيجية الفلسطينية الموحدة، وكذلك تفتت الوحدة الفلسطينية الداخلية، وقد ظل نظام الحكم فى مصر - رغم تهافته- فى العام الأخير هو اللاعب الأساسى فى الشأن الفلسطينى بفضل تمتعه بعلاقات وثيقة بالإسرائيليين والأمريكيين من ناحية وتراجع الجهود السعودية والقطرية واليمنية والسودانية من ناحية أخرى ربما نتيجة لتشتيت جهودها واستنزافها فى الأمور الداخلية وإن كان النظام المصرى قد كثف جهوده فى الشأن الفلسطينى فى محاولة لتحجيم دور "حماس" وربما للتخلص النهائى من "حماس"فكان إغلاق معبر رفح والتضييق على إدخال التبرعات وشحنات الإغاثة، ثم بناء الجدار الفولاذى للتخلص من معضلة الأنفاق التى تزود قطاع غزة بأكثر من نصف إجمالى حاجاته الإنسانية، مما اعتبرته "حماس" على أنه انحياز من النظام المصرى ل"فتح" وللسلطة الفلسطينية فى رام الله، ومشاركة عملية فى إسقاط "حماس" وإفشالها، غير أن "حماس"، وبالرغم من هذا (وربما لكل هذا) لم تدخل "حماس" مع النظام المصرى فى سجال أو فى خصام معلن أو حتى غير معلن وقد كشف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى العامين المنصرمين عن مدى تهاون النظام العربى وانقسامه، وعجزه عن الدفاع عن الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، بل وانحازت هذه الأنظمة للتوجهات الأمريكية الحامية لإسرائيل تحت ذرائع (الأمن القومى العربى) وفشلت تماما هذه الأنظمة فى فك الحصار عن أطفال غزة، بل إن هناك أنظمة قدّمت كل ما لديها لدعم النفوذ الأمريكى، فيما فشلت فى تقديم ما يساعد فى فك الحصار عن الشعب الفلسطيني، كما راحت تعهداتها بأعمار "غزة" أدراج الرياح وربما لدعم التواجد الأمريكى فى المنطقة.
يذهب "أبو مازن" وجماعته إلى المفاوضات المباشرة بدعم صورى من المجتمع الدولى الذى لن يتحول بين عشية وضحاها لدعم حقيقى للشعب الفلسطينى وسوف يكون الأمر هذه السنة كما كان فى السنة الماضية والسنوات التى مضت قبل السنة الماضية ولن ينجح أحد فى إقناع "نتانياهو" وإسرائيل (بحوار المفاوضات) بقبول تجميد الاستيطان وتقسيم "القدس" وحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية، وكل ما سوف يحدث فى هذه "المفاوضات المباشرة" هو مزيد من الضغط (والعصر كما تعصر الليمونة الحامضة بحيث لا يتبقى منها إلا قشرها) على أبى مازن وجماعته لقبول المزيد من التنازلات لتصب هذه المفاوضات المباشرة فى طاحونة نجاحات نتانياهو وانتصاراته على أبى مازن وجماعته وفى مقدمة التنازلات التنازل عن حق عودة، ولحق العودة حديث آخر.
* كاتب وروائى مصرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة