«الدستور.. صحيفة مستقلة لكل المصريين تدافع عن قضايا الوطن والمواطن والديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان بعيدا عن أى انتماء حزبى أو تحزب لفئة أو طائفة».
كانت هذه الكلمات التى أعلنها الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد بعد شرائه صحيفة الدستور، بمثابة تأكيد جديد على ميثاق وضعته واتبعته الدستور منذ انطلاقها برئاسة تحرير الزميل إبراهيم عيسى، وملكية الأستاذ عصام إسماعيل فهمى.
يحسب للدستور أنها الجريدة التى شاء لها منذ انطلاقها الأول عام 1995، أن تأخذ الصحافة المصرية إلى أفق جديد تزين برشاقة وجودة الفكرة الصحفية وتألق صياغتها، كما تميزت بهدمها لسدود، وعبور حواجز عاشت الصحافة المصرية خلفها لسنوات أسيرة الظن بأنها تحافظ على تقاليد، بينما كانت فى الحقيقة تسد فرص الانطلاق والنهوض بالصحافة المصرية التى يحسب لها تاريخيا أنها صدّرت روادا لكل المنطقة العربية من أجل تأسيس الصحافة فيها.
جاءت الولادة الأولى للدستور لتؤسس خطوة كبيرة فى رد الاعتبار للصحافة المصرية، فى وقت كانت الصحافة اللبنانية والخليجية تقفز إلى مشهد صدارة الصحافة العربية، وذهب التأسى وقتئذ على هذا الحال إلى حد القول بأن «الصحافة المصرية ضاعت عليها».
لكل الأسباب السابقة كان الحزن كبيرا على توقف الإصدار الأول عام 1998، حتى جاء الإصدار الثانى عام 2005 بنفس بهاء التجربة الأولى، لكن هذا الإصدار تحديدا أخذ سمات صحفية إضافية ومميزة جعلت منه منبرا لقوى وطنية متعددة ومتنوعة، كما أنه فتح صفحاته لكل التيارات السياسية.
من هذه الخلفية جاءت صفقة بيع الدستور إلى الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد، وهى الصفقة التى فرضت نفسها ليس على الوسط الصحفى فقط، وإنما على كل دوائر الرأى العام لأسباب كثيرة، تبدأ من عند أن هذا النوع من الصفقات تفتقد مصر إلى الثقافة الحقيقية بشأنه، وهى بهذا المعيار تكتسب صفة الريادة فى هذا المجال، كما أنها تعد علامة مميزة فى تاريخ الصحافة المستقلة، وأدى هذا التمايز إلى الخوف من أن تخرج من دائرة الاستقلالية إلى الحزبية تماشيا مع الموقع السياسى لمالكها الجديد باعتباره رئيسا لحزب الوفد، لكنه حسم هذا الأمر سريعا مؤكدا استمرار الجريدة على نفس نهجها فى الاستقلال.
تفتح الصفقة الآفاق لإمكانيات جديدة فى التطور المهنى بمفهومه الشامل للصحفيين المصريين فى عموم الصحف المصرية، ويقوم هذا التطور على دعائم بشرية تحتاج إلى الارتقاء بها ماديا وتكنولوجيا، وهو الأمر الذى مسه الدكتور السيد البدوى بقوله: «أن رئاسته لمجلس إدارة الدستور جاء بناء على اختيار المستثمرين الجدد للصحيفة الذين يرغبون فى إحداث نقلة نوعية جديدة فى تاريخ الصحيفة تتسق مع المكانة التى أسس لها عصام إسماعيل فهمى ومعه فريق صحفى متميز يديره باقتدار إبراهيم عيسى».
طموح الدكتور السيد البدوى فى الحفاظ على مكانة الدستور كتجربة صحفية مصرية مميزة، هو فى العموم طموح يليق برجل أصبح له تمايزه الخاص فى مجال الإعلام، كما أنه طموح ينتظره الصحفيون الذين يتوقعون تلبية جانب لابأس به من هذا الطموح.