إذا كان الحفاظ على المصالح العليا لأى دولة يتطلب تدخلا حاسما من قيادتها السياسية لوقف أى تصرفات تضر بهذه المصالح، فلماذا تركت القيادة الأمريكية القس الأمريكى الحقير فريد فيلبس يحرق نسخة من القرآن الكريم؟
تصرف القس الأمريكى الحقير لا يمكن تبريره بأنه تعبير عن حرية فردية تحترمها الدول الغربية، والدليل أن هذه الدول لا تسمح مثلا بالتشكيك فى المحرقة النازية لليهود "الهولوكست" أثناء الحرب العالمية الثانية، وتم محاكمة كل الأكاديميين والسياسيين الغربيين الذين أنكروا المحرقة، أو حتى قدموا اجتهادات تشكك فى عدد اليهود الذين تمت إبادتهم على أيدى النازى وتروج لهم إسرائيل والدول الغربية، والمؤكد أنه لو أقدم مسلم فى أمريكا على فعل مماثل لفعل فريد فيلبس بحرق نسخة من الكتاب المقدس، لقامت الدنيا فى أمريكا، وهاجت الأقلام التى تتهم الإسلام زورا وبهتانا.
حرق القس المجنون لنسخة من المصحف الشريف، يعطى المبرر لكل مسلم لفعل أى شىء ضد أمريكا ومصالحها فى العالم، وينزع أى مساحة لحديثها عن احترام الأديان، وينسف كثيرا من الجهود التى بذلتها منذ تولى أوباما الرئاسة من أجل كسب قلوب المسلمين بعد أن خسرتها بسبب عجرفة إدارة رئيسها السابق جورج بوش.
خطوة القس المجنون تعبير عن ضعف كبير للدول العربية والإسلامية، لأنها سلمت مقاليدها إلى أمريكا والغرب، وفرطت فى وسائل قوتها، ورهنت نفسها على كلمة تأتيها من الإدارة الأمريكية، ولو حققت هذه الدول نهضتها الحضارية الصحيحة لما وجدنا مثل هذه التصرفات المجنونة.
تعطى الإدارة الأمريكية بتهاونها أمام هذه التصرفات الحمقاء المبرر لكل المتطرفين فى الرد بما تراه ثأرا طبيعيا ممن يعبثون بمقدساتهم الدينية، كما تعطى دليلا مؤكدا على أن التهييج والتحريض ضد مصالحها تصنعه هى بأيديها، وإذا كانت الشعوب الإسلامية تشعر بخيبة أمل فى السياسات الأمريكية ، فإن الخيبة تكتمل بالقساوسة المجانين فيها الذين يجهلون بأن المسلم قد يغفل عن قضايا ه فى الديمقراطية وحقوق الإنسان لكنه لا يغفل أبدا عما يسىء إلى دينه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة