ما الذى يمكن أن يفعله المسلم فى مواجهة أفعال المتعصبين العنصريين الأمريكيين تجاه الإسلام، وقيامهم بحرق نسخ أو صفحات من المصحف أمام عدسات التليفزيون، فى خطوة تتسم بالعنصرية والهمجية، تكشف إلى أى مدى وصلت الكراهية والتعصب، وكيف يسود سوء الفهم، فقد وقف فريد فيلبس كاهن كنيسة ويستبورو بابتيست يخطب خطابا مليئا بالعنصرية والتطرف منها قوله إن «الله يكره الإسلام». وكأنه عين نفسه وكيلا عن الله.
قد يرى البعض أن الحل فى شن مزيد من الهجمات على الكنائس المتطرفة، أو تنفيذ عمليات انتقامية ضد مصالح أمريكية، وهى تهديدات شفهية أو إلكترونية، وربما يرى هؤلاء أن أى حديث عن العقل، والتعريف بالإسلام نوع من الضعف، لكن الفرصة تبدو سانحة ليظهر الإسلام الحقيقى، ومثلما يوجد تيرى وفريد هناك مسيحيون ويهود أمريكيون تظاهروا ضد حرق المصحف، وأعلنوا تضامنهم مع الإسلام والمسلمين. وتزايد إقبال الأمريكيين على المصاحف يطلعون عليها ويبحثون فيها، ثم إن الذى حرق هو ترجمة إنجليزية للمصحف، أما القرآن فهو كلام الله المحفوظ.
وربما يكون الحل السهل لدى البعض هو الدعوة لكراهية مضادة، لكن لدى المسلمين فرصة لشن هجوم مضاد لحرق المصحف بحملات للتعريف به، وإزالة آثار القاعدة وأمثالها التى لم تفد الإسلام بقدر ما أضرته، فالتسامح ليس ضعفا، والإرهاب وترويع الأبرياء وحرق المصحف ليس شجاعة.
فريد وتيرى جونز لا يمثلان المجتمع الأمريكى، وهما قطاع من متطرفين وحمقى ربطوا بين الإسلام والإرهاب وتأثروا بالدعايات التى أطلقت بعد 11 سبتمبر، ولم يكفهم أن جورج دبليو بوش دمر العراق وأفغانستان وشن حروبا عنصرية على العالم الإسلامى، ولم توقفهم دعوات الرئيس الأمريكى باراك أوباما التى أعلن فيها أن الإسلام ليس هو القاعدة والمسلمين ليسوا بن لادن.. أوباما قال: «لسنا ولن نكون أبداً فى حرب مع الإسلام.. من هاجمنا فى سبتمبر لم يكن ديانة، بل عصابة من محرفى الدين».
القس تيرى جونز فرد فى جماعات أمريكية وأوروبية تسىء الفهم ولا تفرق بين النص ومن يسيئون تفسيره، مثلما فعل شاب وقف يقرأ آيات من القرآن قال إنها تدعو إلى الكراهية ضد المسيحيين واليهود، وقد انتزع الآيات من سياقها، ولم يختلف عن مسلمين يعزلون الآيات عن أسباب نزولها وسياقها، إنه صراع الأغبياء الذين يعتبرون أنفسهم الأفضل والأحق، يرفضون التسامح، ويريدون أن يحكموا على اليوم بتفسيرات بشرية من الماضى، مثلما يتعامل البعض مع التوراة أو الإنجيل بمعزل عن سياقهما.
لقد تحولت عمليات العداء للإسلام وحرق المصاحف إلى محاولات لجذب الانتباه وكاميرات التليفزيون، ونقلت «سى إن إن» مظاهرات نظمها أقباط مصريون ضد حرق المصحف ومسيحيات أمريكيات بالحجاب فى كاليفورنيا، وفى مصر أعلنت الكنيسة القبطية ومعها كنائس الأرثوذكس والبروتستانت والأرمن إدانتها لحرق المصحف. ومثلما يقول الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، فالذين حرقوا المصحف لم يعلموا أن السلام ذُكر فى القرآن 41 مرة، والحرب 3 مرات فقط، ولا يجب أن يحسب على الإسلام ما قامت به القاعدة من هجمات الحادى عشر من سبتمبر.
نحن نحتاج العقل أكثر فى مواجهة الأغبياء والعنصريين الذين يسيئون للدين فى كل وقت، بينما الأبرياء هم من يدفعون الثمن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة