ياسر أيوب

32مليار جنيه.. سعر الأرض

الأربعاء، 22 سبتمبر 2010 03:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد الدكتور أحمد نظيف، رئيس الحكومة، أن حكومته حريصة على استمرار مشروع «مدينتى» وأن ذلك لا يتعارض مع حكم القضاء ببطلان عقد أرض المشروع، لأن الحكم استند إلى خطأ إدارى فى توقيع العقد بين هيئة المجتمعات العمرانية، وشركة طلعت مصطفى، ولكن ليس هناك أى فساد أو إهدار للمال العام.. واختتم رئيس الحكومة تصريحاته بإعلان أن هناك تقريراً سيتسلمه قريباً جداً يتضمن حلاً للمشكلة مع الحفاظ على جميع حقوق كل الأطراف.. وأظن.. وبعض الظن حلال.. أن هناك أخطاء كثيرة تضمنتها الكلمات القليلة التى قالها رئيس الحكومة، وهناك أسئلة أكثر لم يجب عنها الدكتور أحمد نظيف.. وقبل التوقف والتمهل أمام هذه الأخطاء والأسئلة أود أولاً أن أشكر رئيس الحكومة لتأكيده احترامه لأحكام القضاء على الرغم من محاولات وزارة الإسكان.. التابعة للحكومة.. بالتحايل على القانون والاستشكال فى عابدين أو القاهرة الجديدة أمام محكمة الأمور المستعجلة لاختراع أى شكل قانونى لتعطيل حكم نهائى يحترمه ويحافظ عليه الدستور.. أشكر رئيس الحكومة أيضا بشأن قلقه على أحوال مائة وخمسين ألف شخص يعملون بهذا المشروع الضخم وحرصه على استمرار المشروع من أجل هؤلاء.. ولكننى لا أود أن يصبح ذلك هو منطق تسيير أمور الدولة وشؤونها وشجونها ومشروعاتها.. فلا يقترب القانون أو تقف السلطة بعدالة أمام أى مستثمر أو رجل أعمال بدعوى أنه بمشروعاته يفتح بيوتا ويمنح مرتبات شهرية تعتمد عليها أسر ووجوه وبيوت.. أما أول الأخطاء التى وردت فى كلمات رئيس الحكومة فكان تأكيده على أنه ليس هناك فساد أو إهدار للمال العام فى مشروع «مدينتى».. وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق.. ولكل من لا يتابع الوقائع والتفاصيل الكثيرة والشائكة اختصر له الأمر كله فى قرار لهيئة المجتمعات العمرانية بموافقة وزارة الإسكان، بعلم الحكومة، منح هشام طلعت مصطفى ثمانية آلاف فدان ليبنى عليها مشروع «مدينتى».. ولن أساير الآخرين الكثيرين الذين اعترضوا على فكرة منح هذه الأرض لهشام طلعت مصطفى دون إجراء مزايدة علنية أولا، والاستقرار على صاحب السعر الأعلى ليأخذ هذه الأرض.. وإنما أوافق على أن يأخذ هشام طلعت مصطفى هذه الأرض دون مزايدة، ولكن بشرط أن يكون ذلك وفق الأعراف التى سادت كل الحالات المماثلة سواء فى الغردقة أو شرم الشيخ أو القاهرة الجديدة و6 أكتوبر.. فكل المشروعات فى تلك المناطق استحوذ أصحابها على الأراض دون مزايدات سرية أو معلنة.. ولكنهم جميعاً كانوا يدفعون ربع ثمن الأرض عند التعاقد والباقى على ثلاث دفعات فى ثلاث سنوات.. وسواء كان المشروع الذى سيقام على هذه الأرض عقارياً أو سياحياً أو حتى نادياً رياضياً.. فقد كان هذا هو النظام السائد على الأقل طيلة العشرين عاما الماضية.. أما ما جرى فى «مدينتى» فكان شيئاً آخر تماماً.. فهشام طلعت مصطفى استحوذ على الأرض دون أن يدفع جنيهاً واحداً.. وبحسبة بسيطة وبواقع أقل سعر للمتر فى السنوات الأخيرة، والذى هو مائة جنيه للمتر.. يصبح ثمن أرض «مدينتى» قرابة 32 مليار جنيه.. أى أن هشام طلعت مصطفى كان من المفترض أن يدفع ثمانية مليارات جنيه بمجرد توقيع العقد.. وثمانية مليارات أخرى كل سنة طيلة السنوات الثلاث المقبلة.. وسيرد أصحاب الأمر والشأن ويقولون إن هذا النظام السائد الذى أتحدث عنه إنما هو فى حالات البيع فقط، وليس حق الانتفاع.. وأن الحكومة اشترطت أن تأخذ نسبة سبعة بالمائة من الأرباح وهو عائد أكبر من ثمن الأرض.. وهؤلاء أرد عليهم مؤكداً أن المحكمة بعدما راجعت كل الإجراءات، وما جرى بشأن تلك الأرض تأكد لها دون أى شك أنه بيع حقيقى ورسمى وكامل.. أى أننا نتحدث عن حالة بيع وليس حق انتفاع.. وهى ليست مجرد وجهة نظر إنما حكم قضائى يستند إلى وقائع وأدلة وتفاصيل.. أما حكاية السبعة بالمائة التى تؤكد الحكومة أنها أكثر من ثمن الأرض.. فأنا لا أعرف على ماذا يستند كل من يقوم بترديد أو ترويج ذلك.. فالدولة أعطت الأرض لهشام طلعت مصطفى وسلمتها له، وبدأ هشام يبنى فوقها بيوتا وعمارات دون أن يقول لنا أى أحد ما سعر الأرض حتى ولو من باب الاتفاق أو مجرد حبر على ورق.. وحتى هذه اللحظة لا تعرف الحكومة.. ولا يعرف هشام طلعت مصطفى أيضاً.. ما سعر أرض «مدينتى» بالتحديد والدقة.. وبالتالى من السخف ترديد أن نسبة السبعة بالمائة هى أكبر من ثمن الأرض الذى لا يعرفه أحد.. ولو افترضنا أن السعر هو المتوسط الأقل الذى هو مائة جنيه للمتر.. أى 32 مليار جنيه ثمناً للأرض.. وأن السبعة بالمائة هى أكبر من ثمن الأرض أو حتى تساويها.. فهذا يعنى أن أرباح هشام طلعت مصطفى ستزيد على الثلاثمائة مليار.. وأن واثق أن ذلك ليس صحيحا.. الأمر كله ليس صحيحاً.. وهناك بالفعل إهدار للمال العام.. بل هناك دلائل واضحة تؤكد أن الحكومة تصنع رجال أعمالها بمحض اختيارها وقراراتها حين تمنح أحدهم كل هذه المساحة المزودة بمرافقها وكل مستلزماتها.. ورجل الأعمال ليس مضطراً إلا لحملة إعلانات يدفع ثمنها من جيبه الخاص.. وبعدها تأتى أموال الناس ليبنى بها رجل الأعمال مدينته.. وبعدها تتوالى الأرباح وتتكدس فى خزائنه دون أن يستثمر من ماله الخاص أو يخرج أى أموال من جيبه ليبنى ويعمر ويكسب أو يخسر، كما هو الحال فى كل الدنيا.. وإذا كنت بالفعل أحترم حرص رئيس الحكومة على الدفاع عن استقرار بيوت العاملين بالمشروع.. ودفاعه عن حقوق كل الأبرياء الذين اشتروا بيوتاً فى «مدينتى» وباتوا يقفون الآن وحدهم فى العراء.. فإننى أتضامن قطعاً مع رئيس الحكومة لأننى أشفق على أى بيت يتعرض لمثل هذه الصدمة القاسية.. وأتضامن مع أى مواطن تعب واجتهد ليشترى بيتا، ثم اكتشف أنه قد يفقد كل شىء دون ذنب أو خطيئة.. لكننى لا أوافق رئيس الحكومة على أن هؤلاء هم المتضررون وحدهم.. إنما قبلهم هناك أنت وأنا.. فنحن الأصحاب الحقيقيون لهذه الأرض التى تنازلت عنها الحكومة بالمجان.. هذه المليارات هى أموالنا نحن.. ونحن قطعا لسنا مطالبين بأى تضحيات أو تنازلات جديدة من أجل إثراء أى رجل أعمال أو حتى لاختراع ملياردير جديد.. وبعيداً عن هذه القضية وتلك المدينة التى بالتأكيد ليست مدينتنا نحن.. أظن أنها فرصة مناسبة لمعاودة النظر فى كل أساليب التفريط فى أراضي مصر.. وألا يتم مستقبلاً أى اتفاق فى سرية وغموض يسمح بالفساد والتلاعب، كما أشارت المحكمة، وطالبت بأن يكون كل شىء فى النور، على الرغم من أن بلادنا باتت تكره النور والوضوح وتعشق الفساد والظلام.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة