.. تستمع إلى صوت إنسان عزيز لديك ولكنه غائب عنك، كأنه يهمس لك أو يخاطبك أو يناديك، وهو على بعد آلاف الأميال منك، أنت فى بلد وهو فى بلد، أنت فى مكان جنوبى على الخريطة وهو فى مكان شمالى، ولكن صوته كان معك، كان يتكلم فى وضوح ويخبرك بأشياء لايعرفها أحد إلا أنت وهو، وتندهش، تتلفت حولك بحثا عنه، عن مصدر الصوت، عن وجوده أو حضوره المفاجئ، لكنه بالفعل مازال هناك، مازال غائبا، مازال بينك وبينه نصف يوم من الطيران والتحليق فى السماء، وفى نفس اللحظة يدق جرس التليفون فتجده هو، على الطرف الآخر يقول لك نفس الكلام، نفس الموقف، نفس الحدث أو الحادث، لقد سمع صوتك تناديه وتتحدث إليه، ماذا حدث؟ ما هو المعنى؟ من كان يتكلم مع من؟
هل مررت بتجربة كتلك، تختصر مسافات مع من تحب، تشتاق لشخص مميز فى حياتك فتجده حاضرا فى اللحظة ذاتها موحيا لك بتلك العبارات السرية التى تقتسمان سرها معا؟
تذكر، وسوف تجد أن فى حياتك مثل تلك التجربة أو بعضا منها، فى حياة كل إنسان مساحة من السمو والشفافية تخترق المسافات البعيدة تجعل منه قطرة ماء صافية لم تسقط بعد من سماء فى دهشة الفجر الأولى!
سوف تتذكر على الأقل موقفا أو أكثر سمعت فيه هذا الهاتف الخفى يناديك بصوت إنسان خاص فى حياتك. على الأقل أيضا يخبرك بشىء، بسر، بمشاعر، يطمئن عليك، يوحى لك بفكرة أو بحل كان بعيدا عنك.
الأمهات تماما ينطبق عليهن هذا الاتصال المدهش مع أبنائهن حين يرحلون عنهن إلى مدن أخرى، تستطيع الأم بقلبها أن تستمع إلى ابنها وهو أبعد من آخر الدنيا، وتعرف أخباره، ويوجعها قلبها إذا مر بمرض أو أزمة!
وتجد هذه العبارة كثيرا على لسان الأمهات:.. «.. قلبى واجعنى على ابنى..». وسوف تجد الوجع صحيحا وحقيقيا ومؤلما، وفى اللحظة نفسها وليس قبل أو بعد.
وسوف يقول البعض إنها مجرد خيالات ليس لها أساس من الصحة، وأنها مصادفات أن تسمع الأم ابنها يبكى.. ويكون البكاء صحيحا. ولكنها ليست خرافات أو مصادفات، أو روايات من أمهات على سبيل منح المشاعر أكبر من حقها وأكثر من حجمها.
وسوف أقول لك ماهو أغرب، فى كثير من الحروب، سجل الباحثون اعترافات لأمهات أنهن كن يشعرن بسخونة الرصاصة وهى تخترق أجساد أبنائهن على أرض المعركة. ويكون الشعور حقيقيا، وتفرح أمهات أن وجع الرصاصة ضاع.. والمعنى أن ابنها تعرض لأذى لكنه على قيد الحياة. وأمهات تبكى دون خبر واضح.. ويعرفن فيما بعد أن ابنهن قد مات شهيدا فى اللحظة ذاتها!
ولا يوجد تفسير ولا أقبل تفسيرا، كما لا أقبل نفيا أو تشويها، لهذه القصص الحقيقية التى تشير إلى درجة من الحواس تتفوق على الطبيعة. حاسة غامضة ليس لها حدود أو زمان أو مكان.
وتجدها عند الأمهات فى علاقتهن بالأبناء عظيمة، حتى لو لم تتوقف الأم لتكتشفها أو تكشفها. إنها تمارس الأمومة بهذه الخيوط الحريرية الناعمة الشفافة التى لايراها أحد سواها.
وقد تجدها فى بعض الذين منحتهم السماء هذه القدرة على السمع والرؤية والإحساس أبعد من الحواس التى نملكها.
وأنهى، أن أطلب من كل صاحب تجربة تشبه هذا المقال أن يكتبها لى.
هذا نصف مقال، وتجربتكم.. النصف الآخر!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة