هل أفاجئك كثيرا إذا قلت لك إن القادم لكرسى رئاسة مصر هو جمال مبارك؟، ربما! وهل تتهمنى أنت بأننى أفتش فى النوايا أو أتقول على رجل نفى أكثر من مرة أن تكون لديه الرغبة فى خلافة والده الرئيس حسنى مبارك؟، ربما.
هل ستندهش إن قلت لك إن جمال مبارك بينه وبين كرسى الرئاسة خطوات معدودة؟، ربما ولكنك ستتهمنى إن كنت تقرأ صحف الحكومة بأننى أنام هذه الأيام بدون غطاء وأحلامى تصور لى أوهام تتناسب تماما مع نفسى التى تتنفس حقدا ضد الشاب المصرى الناجح الذى أصبح رقم 2 فى البلد بمجهوده وتعبه وليس، لأنه ابن الرئيس كما يحب أن يتوهم أهل المعارضة من أمثالى.
هل أزيدك يأسا على يأسك إن قلت لك أن جمال مبارك يكاد يكون الحاكم الفعلى لمصر الآن؟ هل أبالغ لو أكدت على ذلك؟ ربما ترى ذلك ومعك السادة الذين أقنعوا أنفسهم بأن قضية التوريث من بنات أوهام رجال المعارضة.
مشاهدة خطوات جمال مبارك المدروسة بعناية من أجل خلافة والده منذ التحاقه بالحزب الوطنى وإنشاء جمعية "حورس" التى اخترق بها الجامعات، ثم تحولها إلى جمعية "جيل المستقبل" التى أصبح لها مبنى رسمى داخل الجامعة الأم، ثم نشاطه الملحوظ على صفحات الجرائد الحكومية فى لجنة السياسات التى ترأسها ويقود من خلال أعضائها الحياة السياسية فى البلد الآن، ثم سفره إلى واشنطن ولقائه مسئولين أمريكان بشكل حاول أن يجعله سريا ولكنه فشل، ثم التحاقه بالأمانة العامة للحزب ووصوله إلى المنطقة التى تسمح له بالترشيح إلى رئاسة الجمهورية، خطوات محسوبة تمت كل واحدة منها فى سنة لو اعتبرنا البداية هى مؤتمر الحزب الوطنى سنة 2000.
ما حدث فى السنوات الماضية وما يحدث الآن من تنظيف كل الطرق التى تؤدى بجمال مبارك إلى كرسى الرئاسة خلفا لوالده حسنى مبارك شىء يستدعى منا الحركة أو البحث عن فكرة حتى ولو كانت "طوبة" لنضعها فى طريق ذلك القطار الطائر نحو القصر الجمهورى لاستكمال ديكتاتورية أبيه دون أن يضع فى اعتباره سائرا من السائرين فى شوارع القاهرة.
دعك من الأفكار الوردية بأن جمال مبارك لن ينجح فى أى انتخابات رئاسية، أولا: لأن نظام والده لم يطعمنا فى أفواهنا أى انتخابات نزيهة تعبر عن إرادتنا منذ جاء إلى الحكم سنة 1981 حتى ولو كانت انتخابات فصل ثانية أول فى مدرسة ابتدائى، وثانيا لأن من له الحق فى منافسة جمال مبارك هم السادة أعضاء الهيئات العليا فى أحزاب مصر وهم أنفسهم من تنحنى رءوسهم الآن حينما يصادفهم جمال مبارك فى أى حفل رسمى أو غير رسمى، كما أنهم وبالصلاة على النبى شخصيات مبنية للمجهول بالنسبة للشارع المصرى وبعضهم لا يدخل حمام بيته إلا بإذن من أمن الدولة.
هل أغلق الآن كل المنافذ فى وجهك؟، هل ترى أننى أعود للنغمة القديمة وأزيدك يأسا على اليأس الذى أزدته فوق يأسك فى بداية الموضوع؟ ربما ولكنها الحقيقة أو على الأقل 90% منها.. نجل الرئيس قادم لا محالة والهتافات والتظاهرات قد لا تأتى بنتيجة حاسمة مع نظام لا يسمع ويصاب بالطرش إذا لم تأتِ هتافات الجمهور على مزاجه.
دعنا نتكلم بشكل أكثر واقعية منذ 28 سنة ونحن نسعى بكل الطرق للإطاحة بالرئيس حسنى مبارك بعضنا حاول بالتنظيمات السرية والبعض حاول بالرصاص فى أديس أبابا، والكثيرون حاولوا بمظاهرات وسط البلد، والبعض الآخر اجتهد كثيرا لإقناع الخارج بضرورة التحرك لإنقاذ الديمقراطية فى مصر إن كان فى روحها بقية من النفس.. حاولنا وفشلنا حتى حينما وصل النظام إلى مرحلة الشيخوخة وأصابت الهشاشة عظامه لم نستطع أن نخلخل الكرسى من تحت حاكمه، فهل من الطبيعى أن نطمع الآن فى الإطاحة بجمال مبارك الشاب الذى يسير بخطوات مدروسة جيدا ويحصل على تأييد من الخارج قبل الداخل ويضم أجنحة النظام فى صفه ويستعد لاستكمال مسيرة والده.. ربما ننجح فى ذلك ونمنعه من الوصول للحكم، ولكننا لم نقدم حتى الآن دليل على ذلك، فقد فشلنا فى عرقلة كل الخطوات التى تمت أمامنا لتصعيد جمال مبارك، فهل نراهن الآن على الخطوة الوحيدة الباقية؟ من حقنا أن نفعل ذلك ولكن.. ليست كل الفرق تمتلك القدرة على الفوز فى الوقت الضائع خاصة لو فرقة مثل الشعب المصرى نجح النظام فى تكسير عظامه وأدواته النضالية على مدار ربع قرن فائت.
أعلم أن الخوف من حكم العسكر يبلغ المدى، خاصة وأن التجارب "لا تسر عدوا ولا حبيب"، ولكننا لا يمكن أن نغفل أبدا أن الناس أحبت عبد الناصر وأن القليل من الأخطاء لو تداركها شركاء ناصر لما كان وضعنا هو وضعنا الآن، ألم نكن فى عهد عبد الناصر ضامنين على الأقل أن الرجل الذى يحكمنا يحب الوطن ويخلص له ويقدم مصالحه على مصلحته وحياته الشخصية ولا يتكسب على حسابه مليارات الدولارت، ألم نكن نضمن ذلك بينما لا نضمن ربعه إذا حكمنا نجل الرئيس ؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة