تفعل الحكومات فى معارضيها تماما مثلما يتعامل الأطفال حينما يلعبون مع بعضهم البعض، فهؤلاء يبتكرون اللعبة ويضعون لها قواعد الثواب والعقاب ويهدمونها أو يرمونها من أيديهم حينما يقل شغفهم بها، الحكومات ايضا تختار اللاعبين وتضع لهم شروط اللعب حسب هواها وتطرد من الملعب من تريد دون إبداء أسباب، ففى الأزمان الغابرة كان من السهل جدا على زبانية الأنظمة الشمولية التى كانت تحكم، أن يضع لك منشورا ضد القصر، ثم تطور الأمر ليصبح كتابا عن الشيوعية، وفى زمن غير بعيد كانت التهمة كتابا دينيا، الآن ونحن فى 2010 إياك أن تشترى أو تبيع أو تحمل أو حتى تحلم بانك تمسك "كتابا خارجيا"، أو تفكر فى تشجيع الزمالك أو تتجرأ وتحاول الاتصال بعمرو أديب، أو تسلم على البرادعى أو تاخذك الحماسة وتنتقد الفن التعبيرى الحديث أو الاتجاه التكوينى المعاصر.
عند ارتكابك لأحد تلك الآثام فستجد حينها يا صديقى عشرات الأيدى ومئات الألسنة التى تؤزك أزا وتجبرك على الخروج من هدومك ودينك وفكرك واتجاهك السياسى وميلك الأدبى، تجد نفسك خارجا على القانون "ومش بعيد تمسك السلك العمومى عريان"، ولماذا .. لمجرد أنك وبكل سذاجة حاولت أن تفعل مثلما يفعل الناس العاديون، حاولت أن تكون مختلفا، فكدت أن تصبح مختنقا بامور لم تسمع عنها إلا فى الأفلام الممنوعة فى حقبة السبعينيات لأنها تحمل رائحة السياسة، ستصبح النتيجة النهائية أنك مطارد ومهدد بالعقاب لأنك أصبحت معارضا بالصدفة ، وقادك حب الاستطلاع إلى حتفك، وتسبب فضولك فى مقتلك ، مالك أنت ومال عمرو أديب والبرادعى والتوريث ، يكفيك الاهتمام، برغيف العيش ، وشحن الموبايل وتغيير حنفية المطبخ، وإذا حبكت معك السياسة فيا أخى تابع جهود مصر فى المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، أو حتى تحدث عن ساياستنا المريحة وغير المربحة مع دول حوض النيل، لكن إن لم تكن مناضلا عتيدا وقفاك يتحمل الضغط العالى فأرجوك لا ترتكب أيا من الخطايا التى ذكرناها فى البداية.
نعود للعبة الحكومات والأطفال، إذا نظرت الآن لما يفعله النظام بالأحزاب، يعملهم كلعبة يضعها فى خزانته ثم يخرجها حينما يهفه الشوق للعب بها، ثم يشبعها تكسيرا وتحطيما إذا شعر بالملل منها، وهى ترضى بذلك ، فتفرح حينما يخرجها، وتستسلم له حين يكسرها .. أيها السادة لا تصدقوا أبدا بأن لدينا معارضة ولو حتى ضعيفة، لكننى على يقين بأن لدينا مخزون لا ينضب من لعب الأطفال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة