لم تعد الحكومة مسؤولة عن أى تزوير فى انتخابات مجلس الشعب، وأصبح الحزب الوطنى بريئا من هذه التهمة التى ترددها أحزاب المعارضة، ولم يعد تقفيل الصناديق تهمة يتورط فيها مرشحو الحزب الوطنى، أو مرشحو الظل الذين يؤيدهم الحزب فى الخفاء ويعارضهم فى العلن.
الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون القانونية والبرلمانية، ومرشح الحزب الوطنى فى دائرة محرم بك بالإسكندرية فى الانتخابات المقبلة هو الذى أعطى صك البراءة لحزبه وحكومته من هذه الاتهامات، ونقل الاتهام إلى المرشح والناخب، أى أن الناس هى التى تمارس التزوير، الدكتور مفيد قال فى حواره على قناة الحياة، الذى أجراه معه مصطفى بكرى: «هناك تجاوزات وقعت فى انتخابات سابقة، لكن علينا أن نتساءل بصراحة، هل هذه التجاوزات كانت مسؤولية الإدارة أم المرشح أو الناخب؟»، ويضيف: «أعتقد يقينا أنه لا توجد توجهات حكومية، ولكن أن يحدث تجاوز هنا أوهناك فهذا أمر وارد ويجب تلاشيه».
لم يكن الدكتور مفيد موفقا على الإطلاق وهو يطرح هذه القراءة فى تزوير الانتخابات، خاصة أنه يتحدث عن عملية يشهد عليها الشعب المصرى، ولا يخفى على أحد منه ممارسات الأجهزة الحكومية فى التعبير عن تأييدها لمرشح، ورفضها لمرشح آخر، ففى التأييد يتم تسهيل كل شىء، بدءا من تمرير عملية التصويت كما تمر السكينة فى الجاتوه، وانتهاء بترك رؤساء اللجان يقومون بتسويد البطاقات لصالح المرشح الذى ترضى عنه الأجهزة الحكومية، وإذا كانت هذه الظاهرة قد اختفت مع الإشراف القضائى فى انتخابات 2000 و2005، فإنها عادت وبقوة فى انتخابات الشورى الأخيرة، ووجدنا فيها ناجحين بأكثر من مائة ألف صوت، والمفارقة أن انتخابات مجلس الشعب الأكثر سخونة وفى ظل الإشراف القضائى لم يحصل فيها أقوى الناجحين على ثلث ما حصل عليه زميله الناجح فى الشورى، والسر يأتى من تسويد البطاقات.
الأخطاء الفادحة فى الانتخابات ليست مسؤولية أفراد ومرشحين، وإنما هى أخطاء تتحمل مسؤوليتها إدارة انتخابية شكلتها وترعاها الحكومة، وبفرض أنها مسؤولية فردية، فلماذا لا تتخذ الحكومة إجراءات رادعة ضد من يرتكبها حتى تكون عبرة لمن يفكر فى الإقدام عليها، ولماذا لا يلتزم مجلس الشعب بقرارات محكمة النقض التى تؤكد حدوث أخطاء فى الانتخابات أدت إلى نجاح مرشح دون وجه حق، وإذا وافق المجلس على قرار من هذه القرارات، تكون الموافقة أقرب إلى تصفية الحسابات. وإذا كان كلام الدكتور مفيد شهاب أشار بقصد أو دون قصد إلى أن الشعب المصرى لا يتمتع بالثقافة الصحيحة فى ممارسة الانتخابات، فإن الحكومة هى المسؤول الأول عن ذلك، ويقينى أنه لو استمر العمل بالإشراف القضائى لعدة دورات قادمة، لتعوّد الناس على ثقافة انتخابية صحيحة، تؤدى إلى فوز المرشح بشعبيته ومصداقيته مع ناخبيه وبتصويت صحيح، ووقتها فقط نستطيع وصف التجاوزات بأنها فردية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة