قبل أيام قليلة من الذكرى الأربعين لرحيل جمال عبد الناصر، جاء إلى القاهرة مفتش عام الشرطة الأوغندية الجنرال كاليه كايهورا فى زيارة للبحث عن أسرار والده الزعيم الأوغندى جون كالى الذى يعد أول زعيم لحركة التحرير الأوغندية، والذى وصل إلى مصر عام 1960 سيراً على الأقدام هرباً من بطش الاستعمار الإنجليزى الذى استولى على جواز سفره لمنعه من السفر.
والتقى مفتش عام الشرطة الأوغندية أثناء الزيارة عميد معهد الدراسات الأفريقية الدكتور محمود أبو العينين، وبحث معه فكرة التعاون بين المعهد وفريق بحثى أوغندى لإصدار كتاب عن والده، والذى يتم بمبادرة من الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى، وقال الضيف الأوغندى إن المناسبة فرصة مهمة لتسليط الضوء على الدور الذى لعبته مصر وجمال عبد الناصر لدعم حركات التحرر.
وقام الضيف بزيارة السيدة شمس ابنة المستشار عبد العزيز إسحاق مؤسس الجمعية الأفريقية، والتى أمدته بمعلومات وصور تاريخية لوالده مع عائلتها ومع الرئيس عبد الناصر فى الفترة التى قضاها فى مصر قبل وفاته فى حادث طائرة سقطت فى الاتحاد السوفيتى، وغلبت الدموع شمس عبد العزيز إسحاق وهى تتحدث عن جون كالى الزعيم الأوغندى، وقالت: "كان بالنسبة لى "عمى"، وكنا عائلة وعندما توفى كانت صدمة ومأساة لنا جميعا حتى أنه أعلن الحداد فى المنزل مدة أربعين يوما، وحرم والدى علينا أى مظهر من مظاهر البهجة والفرح حتى الحلوى منعت حزنا على جون كالى، وأضافت السيدة شمس، كنا نمتلك مركبا فى النيل، وكانت متعتنا اصطحابه مع أصدقائنا للنيل لأنهم كانوا يشعرون بأن النيل يوحدنا.
كلمات السيدة شمس علق عليها كاليه قائلا: "يجب أن يأتى الجميع إلى هنا ليعرفوا ما فعلته مصر للقارة والنضال الأفريقى، وحرص مفتش عام الشرطة الأوغندية على زيارة كنيسة سان جوزيف بالزمالك التى تم الصلاة فيها على جثمان والده قبل أن يدفن فى بلده أوغندا.
المعلومات السابقة أنقلها من تقرير جاء للزميلة مروة توفيق فى صحيفة الأهرام عدد يوم السبت الماضى (25 سبتمبر)، وجاءت بعد نحو أربعة شهور من زيارة قام بها رئيس الوزراء الكينى رانيلا أودينجا إلى مصر فى أعقاب الخلافات التى نشبت بين مصر ودول حوض النيل حول تقسيم مياه النهر، وكينيا إحدى دول الحوض، وقال أودينجا فى مؤتمر صحفى مع رئيس الوزراء المصرى أحمد نظيف، إنه يعشق جمال عبد الناصر، وإنه تربى فى حى الزمالك فترة من حياته حين كان والده موجوداً فى القاهرة فى فترة الستينيات من القرن الماضى، وكان موجوداً بوصفه أحد الزعماء الكبار لتحرير بلاده من الاستعمار، وأمدته مصر بجواز سفر، وقال رئيس الوزراء الكينى إنه مازال يحتفظ بهذا الجواز الذى منحته مصر لوالده.
كلام مفتش الشرطة الأوغندية، ومن قبله رئيس الوزراء الكينى، والذى يعبر عن مشاعر جيل أبناء الزعماء الأفارقة الرواد نحو مصر، أعادنى إلى قصة باتريس لومومبا الزعيم الكونغولى البارز، وأحد الرموز التاريخيين فى النضال الأفريقى والذى تم اغتياله، وهى القصة التى كانت مصر حاضرة فيها وبقوة، واستمعت إلى تفاصيل كثيرة منها من ابن لومومبا فى لقاء خاص جمعنى به فى منزل الصديق الدكتور خالد جمال عبد الناصر شفاه الله، والقصة تستحق أن تروى كما سمعتها.