وسط حالة من الانغماس الروحانى، وفى حالة تشابه الوجد الصوفى، يدور عم «جمال محمود» بصاجاته النحاسية رافعاً وجهه إلى السماء متأملا فى خلق الكون، ذاكراً الله وحده وليس شيئاً سواه، ويمسك الرشيق الذى تجاوز الستين من عمره الصاجات عازفا بها مع فرقة على مبارك للفنون الشعبية بمدينة المنصورة.
يقول عم جمال الذى يعمل تاجر سمك: «الرقص بالصاجات فن ولا يقدمه أى شخص، فيجب أن يتحمل الرقص والدوران بالصاجات لفترة طويلة منعزلا عن الحياة وكأنه طائر فى السماء لايفكر فى شىء سوى الله، كما أن فن الصاجات له أصول وعلم، فأنا لا أعزف بالصاجات مثل أى هاوٍ، بالعكس أعزف عليها وفقا للسلم الموسيقى وأحكامه».
ويضيف عم جمال قائلاً: «ولكى يظهر عازف الصاجات فى الفرقة ويشعر به المستمعون يجب أن يكون وراءه عازف طبلة جيد يقسم معه الإيقاع، كى تظهر الفرقة جميعها بشكل لائق ذات احتراف».
دخل عم جمال هذه المهنة منذ 12 عاماً تقريباً وعزف فى أفراح وموالد وحفلات كثيرة، بالإضافة لمشاركته فى معظم الحفلات التى تقام أمام المحافظ فى الأعياد القومية، فقال: «عزفت فى إحدى المرات أمام محافظ الدقهلية وكان مستمتعا وقتها بصوت الصاجات القوية مع الغناء الدينى والإيقاع الموسيقى الشعبى».
وعن سر قدرة عم جمال على الرقص بالصاجات رغم كبر سنه قال: «كلما أرقص وأحرك جسدى تزداد صحتى قوة ورشاقة، كما أن الرقص بالصاجات والانعزال عن المحيطين ينمى القدرات التأملية والعقلية، خاصة حين تصل بك النشوة لترقص بالصاجات وأنت لا تدرى من حولك، ولن أترك الصاجات وسوف أظل أرقص وأرقص بها حتى يوقفنى الموت، فالرقص متعة بالنسبة لى وفى نفس الوقت مفيد لى ولصحتى».
ويقول متباهياً: «لم أستح فى أى وقت من الأوقات من الرقص بالصاجات، بل أفتخر بأنى أفعل ذلك، فهذا فن لا يقدره سوى الذين يقدرون المغنى والموسيقى الأصيلة الشعبية».
وعن التحريم الدينى للرقص بالصاجات، خاصة للرجال يقول إنه لا يفعل شيئا حراما، بل يذكر الله على أنغام الموسيقى الشعبية مثل الطبلة والربابة والصاجات، ولايقدم شيئا يسىء للذوق العام أو الإساءة لأى شىء، فنحن نذكر الله فى شكل لائق بعيداً عن الملل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة