د. بليغ حمدى

فى صحبة رسول الله " ص"

الأحد، 05 سبتمبر 2010 08:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لما لجأ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى حائط لعتبة بن ربيعة وأخوه شيبة، رقّا له، فدعوا له غلاماً نصرانياً يدعى "عداساً"، وأمراه أن يقطف عنباً ويذهب به إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ). ففعل عداس ما أمر به، ولما وضع العنب أمام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال له، كل. فلما وضع رسول الله يده فيه، قال، "بسم الله"، ثم أكل.

فنظر الغلام فى وجهه وقال، والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، "من أهل أى البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟" . قال عداس، نصرانى، وأنا من أهل نينوى. فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، "من قرية الرجل الصالح يونس بن متى"، فقال عداس، وما يدريك من يونس بن متى؟. فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، "ذاك أخى، كان نبياً وأنا نبى"، فأكب عداس على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقبل رأسه ويديه.

وحينما علم ربيعة ورأى ما رأى من تقبيل الغلام لوجه ويد رسول الله قال لأخوه، أما غلامك فقد أفسده عليك، ودعى عداساً فقال له، ويلك يا عداس! مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه؟ قال، يا سيدى ما فى الأرض شىء خير من هذا، لقد أخبرنى بأمر لا يعلمه إلا نبى. قال له، ويحك يا عداس، لا يصرفنك عن دينك، فإن دينك خير من دينه.

والقصة السابقة وردت فى أكثر من نص سابق، ومعظم النصوص التى سردت الواقعة السابقة تحدثت عن صبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الشدائد، وتحمله الصعاب التى واجهها وهو يدعو القبائل للإسلام، وبعضها تحدث عن فضائل الإسلام فى الطعام، كالتسمية قبل تناول الطعام والشراب.

والذى يمكن أن نستخلصه من هذه الواقعة الطيبة أن الذى لفت انتباه الغلام الصغير فى حديث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) هو ذكره للفظ الجلالة "الله"، وهو أمر مستغرب على أهل هذه البلاد، التى لا تعرف سوى اللات، والعزى، وهبل، ومناة، وغيرها من الأصنام التى لا تفيد ولا تنفع، ولا تسمن من جوع، ولا شك أن نطق رسول الله ( صلى الله عليه سلم ) للفظ الجلالة "الله" قد هز كيان الغلام، وهدهد مشاعره، الأمر الذى جعله متقبلاً ومستعداً للدخول فى الإسلام، لاسيما وأنه من أهل الكتاب.

ومن أبرز معالم رحلة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الطائف واقعة إسلام الجن. حقاً، إنه اليقين بالتوحيد لرب العالمين، لقد انفرد الله سبحانه وتعالى بعبادة الإنس والجن له، بل لقد انحصرت مهمتنا على الأرض فى عبادة الله وحده، لا نشرك به شيئاً.

والواقعة تفيد أنه لما انصرف النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الطائف راجعاً إلى مكة، قام بجوف الليل يصلى، فمر به النفر من الجن الذين جاء ذكرهم فى القرآن الكريم، فاستمعوا لتلاوة الرسول ( صلى الله عليه وسلم )، فلما فرغ من صلاته، ولوا إلى قومهم مدبرين منذرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما استمعوا إليه من تلاوة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ). وقد قص الله ( تبارك وتعالى ) نبأهم على النبى فى سورة الأحقاف، يقول الله تعالى: ( وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروا قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين. قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم ).

هؤلاء النفر من الجن يتلقون دعوة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فى صلاته ودعائه دون أن يعلم بوجودهم، وأصبح اسم محمد تهفو به قلوب الجن، وليس الإنس فقط، حملوا راية التوحيد، ووطنوا أنفسهم دعاة إلى الله. يقول الله تعالى فى كتابه العزيز: ( قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا . يهدى إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا. وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ).








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة