مقالى ليس نقداً لإحدى الديانات أو مفاضلة بين دين وآخر، مقالى ليس تخيلات كاتب مؤدلج، بل واقع معاش يومياً على أرض المحروسة، فحرية الأديان تسير فى طريق واحد والتسامح متواجد من جانب واحد وليس على الجانبين، ككاتب لا أملك إصدار حكم نهائى بإدانة طرف وتبرئة طرف آخر، فربما أكون مخطئاً وربما أكون محقاً ولكن دورى الوحيد هنا هو إلقاء الضوء على أزمات وطن تعوق تماسك النسيج المصرى وتحد من التئامه، خاصة بعد كل اعتداء "ليست فتنة طائفية كما يدعى الإعلام المصرى لتهون من الجرم الخطير ضد نسيج أصيل من تراب مصر"، لعله ندرك أن الممارسات الفعلية على أرض الواقع لا تمت بصلة عن التسامح والحب والعدل وتضر بمصرنا الحبيبة، بل تنل من عقيدتنا وتشوهها وتظهر صورة غير حقيقية على عكس ما نؤمن به.. دين التسامح دين الحب كلمات كثيرة يرددها المسيحى والمسلم معاً فالكل يزعم امتلاكه الحقيقة المطلقة ويردد بأن دينه دين التسامح والحب.. بل إن التسامح يجب أن يكون قبل الحب لكونه تربة خصبة جيدة لنمو الحب.. التسامح فى الواقع المصرى هل كائن أم لا؟ خطرت على ذهنى كلمة التسامح بعد قراءتى لجريدة الأهرام المصرية فى الخامس عشر من أغسطس الجارى تحت عنوان "مسيحيون فى الجامع" تقريراً أشار إلى مباركة وتهنئة أقباط قرية شوشة لإخوانهم المسلمين فى افتتاح مسجد جديد بالقرية وهنا شرد ذهنى فى التسامح هل هى علاقة متبادلة بين طرفى الشعب المصرى أم من طرف دون الآخر؟ بناء الجوامع ملاصقة للكنائس علامة من علامات الوحدة الوطنية، ولكن هل نفعل ذلك بالمثل فى بناء الكنائس أيضاً؟ إن كان نعم.. فلماذا قرارات العزبى باشا العشرة التعجيزية لبناء الكنائس؟! يقول تقرير الأستاذ محمد حسين أبو الحسن فى الأهرام.. "يوم الجمعة قبل الماضية لم يكن كغيره من الأيام فى قرية أبوشوشة بقنا بل ربما فى تاريخ مصر المعاصر إذ افتتح المسلمون مسجداً كبيراً لا يفصله عن الكنيسة سوى شارع بعرض عشرة أمتار.. فى جمع غفير يتقدمه المحافظ والقيادات، وفى أثناء الخطبة فوجئ المصلون بحشد من رجال الدين والرموز المسيحية، وعلى رأسهم الأسقف مكارى راعى الكنيسة، يدخلون المسجد ويجلسون فى رحابه منصتين للخطبة، ثم مهنئين إخوانهم المسلمين بالافتتاح، وسط ترحيب عارم وسعادة غامرة، ولم يكد يأتى الجمعة التالية حتى تدفق المسلمون عقب الصلاة إلى داخل الكنيسة يتقدمهم علماء الدين والقيادات والمستشار عصام عيسى صاحب المبادرة، فى رد لزيارة المحبة يحفهم التصفيق والحفاوة البالغة من إخوانهم المسيحيين".
بالطبع الخبر يثلج صدور محبى مصر، فهذه علامة من علامات سماحة وحب الأقباط لإخوانهم المسلمين، ولكن هل يوجد تسامح؟!! على الجانب الآخر سوف يتبارى العديدين بالإجابة لتحويل السؤال من مجرد سؤال إلى محاولة طعن فى الأديان ليخرس الجميع غير مدركين أن الدين شيء والتدين شكل آخر، والدين شيء عظيم أما التدين فممارسات لفهم الدين، وستكون الإجابة شعار يردد ليس واقع معاش ديننا دين التسامح والحب إن ديننا دين قبول الآخر وبدلا من المناقشات السفسطائية العقيمة النفع أضع بين أيديكم الحقائق الآتية قبل الإجابة :
- لماذا الهجوم والاعتداءات على الكنائس مروراً بالخانكة والإسكندرية ومرسى مطروح وصعيد مصر؟
- لماذا أحداث الزاوية الحمراء وحرق كنيسة القديسة دميانة بالوايلى الكبير فى يونيو عام 1981؟
أخيراً إليك قصة عن التسامح الحقيقى لدى أقباط مصر تبرع المرحوم جرجس دوس جد الدكتور شريف دوس لبناء مسجد بقريته نزلة حنا بالفشن منذ 70 عاماً وتبرع بأرض وقف لبناء كنيسة أيضاً.. بُنِىَ الجامع منذ سبعين عاماً وللوقت لم تُبنْ الكنيسة، بل حينما شرعوا فى بناء الكنيسة فوجئوا بجنود الأمن المركزى يحتلون الأرض لمدة سنتين كاملتين بهدف عدم بناء الكنيسة رغم تبرع الجد بأرض لقريته لبناء كنيسة وجامع، أليس هذا ضد التسامح ومن يدعيه؟! أليس هذا العمل ضد الحقوق الإنسانية؟! أليس هذا عار على من يتشدق ليل نهار بالتسامح؟! مات الجد والأب وربما بعد عمر طويل الإبن ولم تبنْ الكنيسة رغم مباركة قداسة البابا كيرلس السادس للأرض لم تُبنْ الكنيسة بعد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة