من يحمى عمال مصانع السيراميك من الأمراض بعد تعرضهم للمواد الكيميائية؟

الأربعاء، 08 سبتمبر 2010 12:47 ص
من يحمى عمال مصانع السيراميك من الأمراض بعد تعرضهم للمواد الكيميائية؟ الأضرار الصحية للعاملين بمصانع السيراميك لا تزال بلا حلول
كتب أحمد الشناف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دراسة: 70% من العاملين فى صناعة "السيراميك" مصابون بأمراض الرئة والجهاز التنفسى

كيميائيون يطالبون بتخصيص مناطق استثمارية للنفايات بعيدا عن الكتلة السكنية لتفادى آثارها السلبية على الصحة


"العمل فيه سم قاتل"، عبارة تنطبق على عم خليل جودة – 55 سنة - الذى عمل طوال حياته فى صناعة السيراميك ومشتقاتها؛ فقد بدأ عم خليل العمل فى المحاجر منذ شبابه ليوفر لقمة العيش لوالدته وأشقائه الصغار بعد وفاة والده، ثم كان من أوائل من التحق بشركة سيراميك كبرى فى مصر، والتى أصبحت فيما بعد من أكبر شركات السيراميك بالشرق الأوسط.

يقول عم خليل: " النهارده أنا بتعالج من السرطان وحساسية الصدر المزمنة نتيجة للبودرة و"الجليزات" ( عملية تصنيع وصقل سطح السيراميك ) اللى اشتغلت فيها طول عمرى". وتابع عم خليل: "الشركات دى بتاخدنا لحم وبترمينا عضم.. أنا بقالى 30 سنة فى الشركة من يوم ما فتحت وبعدين لما تعبت محدش سأل فيا".

الكيميائى "م. أ" رئيس قسم الإنتاج بأحد مصانع السيراميك بمصر، يؤكد أن صناعة السيراميك قائمة على مادة سليكات الزركون ( ZnSio2 ) وهى مادة مشعة تستخدم لتبييض بطانة السيراميك والجليزات ( سطح السيراميك ) وهى عبارة عن مساحيق ناعمة جداً تستخدم فى صناعة جسم البلاطة، بالإضافة إلى مواد أخرى مثل كربونات الكالسيوم وهى كلها مواد تصيب الإنسان الذى يتعرض لها لمدة طويلة بأمراض مزمنة وخطيرة على الصحة.

ويرى الكيمائى - الذى طلب عدم الكشف عن اسمه - أن المشكلة تكمن فى عدم استخدام وسائل السلامة والصحة المهنية إلا منذ فترة قريبة فى معظم الصناعات، فى حين أن بعضها لا يتناسب، حتى الآن، مع طبيعة المخاطر التى يتعرض لها العامل حيث إنها بدائية وغير كافية لحمايته، فضلا عن ضعف ثقافة بعض العمال الذين لا يستخدمون هذه الوسائل إلا فى وجود تفتيش أو زيارة للمصنع، الأمر الذى يُعرّض صحتهم للخطر.

فى حين تشير دراسة صادرة عن وزارة التجارة عام 2003، عن صناعة السراميك فى مصر "أن تراجع نصيب إيطاليا من الإنتاج العالمى فى ذلك العام يرجع إلى تزايد أعداد الدول النامية الداخلة بقوة فى مجال صناعة وإنتاج السيراميك، وأن 70% من أربعين ألف عامل فى مصر يعملون فى مجال صناعة السيراميك مصابون بأمراض الرئة والجهاز التنفسى تصل بعض أمراضهم إلى التحجر الرئوى، إضافة إلى الأمراض التى تصيب القاطنين بالقرب من المصانع بأمراض الربو والحساسية وصعوبة التنفس".

الدكتور أحمد عبد الوهاب، أستاذ البيئة بجامعة الزقازيق، يقول إن مصر تتكلف 24 مليون جنيه سنوياً بسبب التدهور البيئى الناتج عن المخلفات وفقاً لتقرير جهاز شئون البيئة والبنك الدولى، ولذا فإن الاستثمار فى مجال النفايات يعد مكسباً بكل المقاييس، فالجدوى الناتجة ليست فقط تطهير البيئة والحفاظ على الصحة العامة، بل إنّ الاستثمار فيها يحقق مكاسب هائلة لأصحابها والدليل على ذلك أن مخلفات مدينة 6 أكتوبر تساوى 6 ملايين جنيه سنوياً.

وأكد عبد الوهاب، على ضرورة تخصيص مناطق استثمارية للنفايات بعيدا عن الكتلة السكنية لتفادى آثارها السلبية على الصحة خاصة تدوير المخلفات الصناعية مثل مصانع الأسمنت التى تستفيد من بقايا الحديد الناتج عن مصانع الحديد والصلب فى زيادة إنتاج الأسمنت رغم أن لها أضرارا صحية، فبعد أن كان لدينا 3 مصانع للأسمنت فقط وصل عددها إلى 27 مصنعا، فمن الضرورى الابتعاد عن المحيط السكنى قدر الإمكان خاصة فى الصناعات الضارة مثل صناعة النسيج التى تستخدم مواد خطرة منها الزئبق.

وأشار الرجل إلى أن هناك خطورة من تدوير بعض المخلفات التى قد تؤدى إلى أمراض سرطانية وأوبئة مثل الجراكن والفناطيس الناتجة عن النفايات الصناعية فربما تدخل فى عملية التدوير لدى المصانع البدائية الصغيرة "بير السلم" رغم أن هذه المواد قانونا يجب دفنها وعدم استخدامها مباشرة سواء من جانب الإنسان أو الحيوان.
وأكد الدكتور عبد الوهاب أن لدينا مجالات متعددة للاستثمار أهمها النفايات الزراعية التى تقدر بملايين الجنيهات، حيث يمكن تحويلها إلى طاقة غذاء ووقود حيوى.

من جانبه، يشير الدكتور رمضان نافع، أستاذ الأمراض الصدرية بجامعة الزقازيق، إلى أنه عندما يصل إلى الرئة كمية غبار كبيرة ( ناتجة عن الصناعات المختلفة ) تكون أعلى من المقاومة الذاتية للرئة فإن هذا الغبار سوف يتجمع على وداخل نسيج الرئة مما قد يسبب تلف هذا النسيج الرئوى، مشيرا إلى أن بعض أنواع الغبار مثل غبار السليكا والاسبتوس يمكن أن يسبب تليف للرئة والمعروف باسم "فى ب روزوس"، فى حين تتسبب بعض أنواع من الاسبتوس فى سرطان الرئة وبعض الأنواع الأخرى مثل غبار الخشب والحبوب يمكن أن تسبب حساسية للرئة وتسبب أزمات تنفسية.

ووفقا لقانون العمل المصرى 12 لسنة 2003، فإن المادة 211 تنص على: "التزام المنشأة وفروعها بتوفير وسائل الوقاية من المخاطر الكيميائية الناتجة عن التعامل مع المواد الكيميائية الصلبة والسائلة والغازية مع مراعاة ما يلى: عدم تعرض العمال للمواد الكيميائية والمواد المسببة للسرطان، بما لا يجاوز أقصى تركيز مسموح به، وعدم تجاوز مخزون المواد الكيميائية الخطرة كميات العتبة لكل منها، بالإضافة لذلك، فإن القانون يلزم. توفير الاحتياطيات اللازمة لوقاية المنشأة والعمال عند نقل وتخزين وتداول واستخدام المواد الكيميائية الخطرة والتخلص من نفاياتها وتدريب العمال على طرق التعامل مع المواد الكيميائية الخطرة والمـــواد المســــببة للسرطان وتعريفهم بمخاطرها وبطرق الأمان والوقاية من هذه المخاطر".

*إشراف محمد الجالى- فى إطار مشروع صحافة المواطن التابع للمركز الدولى للصحفيين








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة