يقف عم سيد كل يوم من العاشرة صباحا حتى العاشرة مساء على أحد أرصفة إمبابة ومعه مجموعة من الأدوات المستعملة التى يجمعها من خلال أسواق المستعمل، ومن بعض بائعى «الروبابكيا» الذين يقومون بجمعها من المنازل ويقوم بعرض بضاعته من كاسيتات مستعملة ونظارات قديمة وبطاريات وكشافات نور وأقلام وساعات مستعملة وغيرها من الخردوات المختلفة لبيعها للزبائن بأسعار زهيدة توفر له ربحا بسيطا يساعده بالكاد على توفير قوت يومه.
عم سيد عمره 51 من مواليد محافظة قنا، وجاء إلى القاهرة بحثا عن إحدى الوظائف، ولكن حلمه الكبير اصطدم بالواقع الأليم، فلم يستطع الالتحاق بأى وظيفة حكومية، أو حتى فى القطاع الخاص، ولكنه وجد نفسه فى هذه المهنة التى إن قل دخلها الشهرى، فهى توفر له الحد الأدنى من احتياجاته من مأكل وملبس ومشرب.
يقول عم سيد إنه يعمل بهذه المهنة منذ أكثر من ثلاثين عاما، وهو أقدم تجار المستعمل على الإطلاق، واعتاد أن يجمع كل الأدوات المستعملة التى قد تجد لها رواجا بين فئات الطبقة الوسطى والطبقة الدنيا من المجتمع، وأصبح له زبائن تأتى إليه من كل أحياء القاهرة لتشترى قطعا كهربائية أو نحاسية أو خردوات بثمن مناسب لتعالج أحد العيوب فى أجهزتها الكهربية والتى عجزت أن تجده فى المحال الكبرى وحتى إن وجدته تجده باهظ الثمن.
ويضيف عم سيد أن الأدوات المستعملة التى يقوم بعرضها للزبائن تتراوح أسعارها ما بين جنيه و2 جنيه حتى تكون فى تناول الزبون فيقبل على شرائها.
ويقوم عم سيد بتصنيف الخردوات بعد جمعها إلى أصناف مختلفة ويعرضها على الرصيف بطريقة منظمة تسهل على الزبون الوصول إلى ما يحتاجه.
ويروى عم سيد أن من إحدى المشكلات التى قابلته عند قدومه إلى القاهرة فقدانه بطاقته الشخصية، فحاول أن يقوم باستخراج أخرى لكن جميع مراكز الشرطة بالقاهرة رفضت استخراج البطاقة له، وهو يعيش بدون بطاقة منذ ثلاثين عاما مما أفقده هويته ولا يستطيع أن يقوم بعمل أى مصلحة فى أى مكان ويعلق متألما: «إذا كانت الدولة أفقدتنى هويتى لكن محبة الناس أعادتها لى فجميع تجار سوق المستعمل يعتبروننى أبا روحيا لهم وأعتبرهم أبنائى وبينى وبينهم علاقات قوية تنسينى مشاكلى وآلامى».. يسكن عم سيد فى حى بولاق الدكرور فى غرفة متواضعة بأحد المساكن الشعبية لكن الحكومة أصدرت قرار إزالة لهذه المبانى دون أن توفر لهم مسكنا جديدا فما كان منه إلا أن أتخذ من الرصيف مكانا للعمل وللمبيت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة