يقدم الكاتب الصحفى المتألق سليمان الحكيم، كتابه الهام "عبد الناصر والإخوان بين الوفاق والشقاق"، بعبارات تحمل رؤية عميقة للعلاقة بين الطرفين، حيث يقول إن العلاقة بين عبد الناصر والإخوان المسلمين تمثل واحداً من أكثر الألغاز إثارة فى تاريخ مصر المعاصر، وأن هذه العلاقة طغت الخصومة والعداء بين الفريقين حتى أصبحت هى الأغلب على وصف العلاقة بينهما، رغم ما يجمع عليه المؤرخون من وجود علاقة ارتباط لعبد الناصر بجماعة الإخوان فى مرحلة مبكرة من تاريخه السياسى.
سعى الصديق سليمان الحكيم من خلال كتابة إلى فك شفرة العلاقة بين عبد الناصر والإخوان من خلال مصدر هام هو المستشار الدمرداش العقالى الذى كان أحد أبرز أعضاء الجهاز السرى فى تنظيم الجهاز السرى فى تنظيم الإخوان، وزعيم طلاب الجماعة بالجامعة فى الوقت الذى كان قد تبلور فيه نشاط الإخوان، كحركة سياسية حتى كاد أن ينحصر فى مجال الشباب والطلبة، وفوق ذلك تمتع العقالى بصلة قرابة مع القائد الإخوانى الشهيد سيد قطب، صاحب أكبر تأثير فكرى وتنظيمى على الجماعة، كان سيد قطب خال زوجة العقالى، كما كان الاثنان أصدقاء فى مرحلة الطفولة والشباب، وذلك لانتمائهما إلى بلدة واحدة هى أسيوط، هذا فضلاً عن أن العقالى انضم إلى الجماعة قبل أن ينضم إليها سيد قطب نفسه.
وتأسيساً على كل ما سبق فإن شهادة العقالى تكتسب أهميتها من موقع أنه الرجل الذى يعرف أكثر مما يعرف غيره عن جماعة الإخوان فى مراحلها الهامة، وهى مرحلة تأسيس التنظيم الخاص فى الجماعة، بالإضافة لى مرحلة القرب ثم التباعد الذى انتهى بالتصادم مع جمال عبد الناصر ومشروع ثورة يوليو عام 1952.
يتحدث العقالى عن عبد الناصر بوصفه نبت إخوانى، مشيراً إلى أن حسن البنا المرشد العام للجماعة بايعه جمال عبد الناصر بنفس الطريقة التى بايعه بها أى عضو آخر فى الجماعة، وأصبح من عام 1942 عضواً عاملاً فى جماعة الإخوان، ويروى العقالى قصة الشقاق التى كان سببها عبد المنعم عبد الرءوف، وأدت بعبد الناصر إلى تكوين تنظيم الضباط الأحرار عام 1949، والذى ضم أكثر من تنظيم سرى وأكثر من اتجاه سياسى وعقائدى.
يتحدث العقالى عن مرحلة الصدام بين حسن الهضيبى مرشد الجماعة بعد حسن البنا، وعبد الناصر بعد أن نجحت ثورة يوليو، ويقول إن الهضيبى بدأ فى هذه المرحلة استعراض قوته بإعادة بناء التنظيم السرى، وأدرك عبد الناصر ذلك فقرر حل الجماعة عام 1954، ويقول الهضيبى إن عبد الناصر تفتقت عبقريته السياسية مبكراً، وذلك بأن يثبت للقيادات الإخوانية القديمة والشارع السياسى المصرى بأنه فى صراع فقط مع الهضيبى وليس مع الإسلام، أى أن صراعه مع الإخوان صراع سياسى وليس صراعاً دينياً، فتوجه بعد أيام من إصداره قرار حل الجماعة إلى قبر حسن البنا، وبرفقته عدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وفى مشهد تاريخى وقف عبد الناصر أمم القبر ليخطب مناشداً قواعد الإخوان، أنه لم يكن نقيضاً للإسلام، وليس لديه ما يدعو إليه غيره، وأنه جندى مخلص من كتائب الدعوة الإسلامية والنهوض بأوطانه.
يضيف العقالى فى شهادته للحكيم، أن عبد القادر عودة القطب الإخوانى البارز، وعبد الرحمن البنا شقيق حسن البنا كان فى استقبال عبد الناصر عند وصوله إلى القبر، وبعد أن ألقى عبد الناصر كلمته رد عليه عبد الرحمن البنا قائلاً: "إن مجيئك هنا يؤكد زعامتك لهذه الأمة وانتماءك الصحيح لدينها الحنيف، وإخلاصك غير المنقوص للدعوة إليه"، وطلب عبد الرحمن البنا من عبد الناصر أن يفرج عن الإخوان المعتقلين، ويضيف العقالى أن عبد الناصر نجح بهذه الخطوة فى سحب البساط من تحت أقدام خصمه حسن الهضيبى، حيث لاقت كلمته المؤثرة على قبر البنا استحسان الكثيرين من قواعد الإخوان وقيادتهم، وخففت من نفوسهم الأثر الذى أحدثه قرار حل الجماعة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اسماعيل محمد رضوان
الاخوان والانتخابات
عدد الردود 0
بواسطة:
محمودالمكاوى
الجمعية التأسيسية