◄◄ أهمها.. إهدار قيم الدولة المدنية.. وهجوم أقباط المهجر على المسلمين.. والتلويح بالضغوط الخارجية.. والسماح بانتقاد الدين الإسلامى ورموزه.. ونشر مطبوعات طائفية
◄◄ لماذا لا نصدق أننا جسد واحد ونتصارح بكل ما يغضبنا أملاً فى أن نتجنب ما يثير الفتنة
المسلمون ليسوا شياطين ولا ملائكة، والمسيحيون كذلك، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن بعض المتعصبين من الجانبين ساهموا فى إشعال نار الفتنة النائمة، ومادمنا قد انتقدنا تصرفات المسلمين المتعصبة مراراً، فمن الإنصاف أن نواجه أنفسنا ببعض أخطاء الأقباط، قد يعتبر البعض أن الوقت غير مناسب لطرح هذه النوعية من الموضوعات والأفكار، فالحزن على ضحايا إسكندرية يخيم على الجميع، وعاشت مصر فترة حداد شعبية كبيرة من الساعات الأولى للعام 2011، لكن الروح الرائعة التى تلبست المصريين فى هذه الأزمة تدفعنا إلى شىء من الصراحة فى تناول هذا الملف الشائك، وإذا كان جميع العقلاء والمثقفين من الجانبين قد أدانوا التعصب الدينى والتطرف، فمن الواجب أيضاً أن ننتهز هذه الفرصة لتدعيم أركان الدولة المدنية التى ينادى بها المسيحيون قبل المسلمين، فالتجربة أثبتت أن الدولة المدنية هى الحل، وأن الميثاق الإنسانى هو المظلة التى يجب أن نحتمى بها جميعاً، ومع الاعتراف الكامل بأن الكثير من المسلمين ينتهكون قواعد وأصول هذه الدولة المدنية، ففى الحقيقة الكثير أيضاً من المسيحيين لا يدركون خطورة ما يقدمون عليه إذا ما زايدوا على تطرف بعض المسلمين وقابلوا التعصب بتعصب أو بادروا فى انتهاك قواعد الدولة المدنية ، ولذا لم يكن من الإنصاف أن نتجاهل ما يقوم به بعض الأقباط من تصرفات تذكى نار الفتنة.
هجوم أقباط المهجر من الخارج
منذ أن تم اختراع مصطلح أقباط المهجر، وحالة السلام الداخلى بين مسيحيى مصر ومسلميها فى تذبذب واضطراب، فالقاعدة التى يجب أن نحتكم إليها هى أننا كلنا مواطنون للكل نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، ولو افترضنا أن كل ما ينادى به أقباط المهجر من إصلاحات سياسية وتشريعية عادل وضرورى فطريقة طرح هذه الإصلاحات تدخل الريبة فى قلوب المصريين، وتعيد إلى الأذهان ما كان يحدث فى العراق قبل احتلالها على يد القوات الأمريكية، من تزايد حملات هجوم عراقيى المهجر على نظام صدام حسين، وهذا وحده كفيل بأن يزيد من ارتياب المصريين فى نوايا هذه الجماعات، خاصة أن المصريين لا يقبلون بأى شكل من الأشكال أن يتدخل فى أمورهم «غريب» وهنا تتفاقم المشكلة فلو افترضنا أن المتطرفين الذين يعادون المسيحيين واحد فى المائة فبمثل هذه التصرفات يصبح هذا الواحد عشرة وعشرين وثلاثين، فالمثل الشعبى يقول: «أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب» فإذا وجدت ابن عمى يحتمى بالغريب فمن الطبيعى أن أكره ابن عمى وأعتبره غريبا، وهذا وحده كفيل بأن يكبل المحبة ويزرع بذور الكراهية فى النفوس.
استعذاب التعامل كأقلية
كل المصريين بمن فيهم بعض رجال النظام يعترفون بأن مصر تحتاج إلى عدة إصلاحات سياسية وتشريعية وحقوقية عاجلة، وأن تحقيق هذه الإصلاحات يتطلب تكاتفا وطنيا قويا من كل القوى السياسية والمجتمعية فى مصر، ولهذا من المدهش أن ينادى بعض الأقباط بهذه الإصلاحات «للأقباط» فقط، كما لو كان المسلمون لا يحتاجونها، كما أن بعض الرموز القبطية تعرض هذه المشكلات كما لو كان المسلمون غير متضررين منها وأنهم وحدهم هم المضطهدون، وخذ عندك مثلا الناشط القبطى «مايكل منير» الذى يعتبره البعض «معتدلا» قال فى مقال سابق، نشره «اليوم السابع» أن على الأقباط أن يقاطعوا انتخابات مجلس الشعب لأنه لم يرشح أقباطاً على قوائمه، ولو كان منير دعا إلى هذه المقاطعة لفساد القوانين مثلاً أو لتأكده من أن الانتخابات سيحدث بها تلاعب أو تزوير لاحترم الجميع دعواه، لكن ما تدل عليه أفكار «منير» هو أنه لا يهمه أن يتم تزوير الانتخابات أم لا لكن المهم بالنسبة له «حصة» الأقباط من «الكعكة» دون النظر إلى ما إذا كانت هذه الكعكة فاسدة أم صالحة، والمطلوب فى مثل هذه الظروف أن يتكاتف الجميع لتكون الانتخابات صحيحة ونزيهة وحيادية سواء فاز أقباط أو مسلمون أم لم يفوزوا لا أن نطالب بحصة أو نصيب دون النظر إلى رغبات المواطنين أو تطلعاتهم.
السماح لبعض رجال الكنيسة بانتقاد الإسلام
بين فترة وأخرى يخرج علينا أحد القساوسة ببيان أو تصريح ينتقد فيه الدين الإسلامى أو أحد رموزه، كثير من القساوسة فعلوا هذا، أما المثال الأوضح لهذه التصرفات فهو ما يقوم به القس زكريا بطرس، من انتقادات حادة لصلب العقيدة الإسلامية، وفى المقابل هناك الكثير من المسلمين يهاجمون العقيدة المسيحية، وهو ما لا يقبل به رجال الكنيسة، وبرغم أن مصادرة الفكر أيا كان من الأشياء المستهجنة عند الطائفتين لكن الذى لا ريب فيه أن مثل هذا الهجوم المتبادل يزيد من الاحتقان، وإن كان المسيحيون يرحبون بما يفعله القس زكريا بطرس أو الأنبا بيشوى أو غيرهما فعليهم أن يتقبلوا ما يقوله العوا وعمارة وغيرهما، أو على العقلاء من الجانبين أن يطالبوا هؤلاء جميعا بالصمت اتقاء الفتنة.
مطبوعات كنسية تهاجم المسلمين
تسمح الكنيسة المصرية لرجالها بنشر وتوزيع بعض المجلات والجرائد ذات الصبغة المسيحية التى تدعو إلى التعصب، والمثال الأكبر على هذا التوجه جريدة الكتيبة الطيبة التى تصدر عن كنيسة بعزبة النخل، ويرأس تحريرها القس متياس نصر، وتفسر كل شىء وأى شىء على أنه اضطهاد للأقباط، بل إن شعارها بث روح الشهادة المسيحية، واسم هذه الجريدة وحده كفيل بزرع الفتنة والحث على الحرب والدمار، كما لو كان الأقباط محتلين، لأنها تتخذ قدوتها من كتيبة مصرية حاربت مع الرومان ثم عصتهم لتمسكها بدينها، فاستشهد أغلب أفرادها، كما أنها «عمال على بطال» تمجد فى شخصية المعلم يعقوب قائد الجيش القبطى الذى حارب فى صف الفرنساويين أثناء الحملة الفرنسية ومن الثابت تاريخيا أنه ارتكب العديد من الفظائع فى حق مسلمى مصر ومسيحييها، دون تعقل أو إنصاف أو موضوعية تاريخية، والأغرب أن هذه المطبوعة تنشر وتوزع فى منطقة شعبية من أكثر المناطق احتقانا هى منطقة عزبة النخل وعين شمس والمطرية، فكيف تسمح لكنيسة بتداول هذه المطبوعة فى الوقت الذى نحاول فيه إفشاء قيم المحبة والتعايش السلمى.
التلويح بالضغوط الخارجية
فى أول تصريح له عقب أحداث الإسكندرية قال الناشط القبطى مايكل منير إن الرئيس باراك أوباما يتابع الأحداث وأن البيت الأبيض مشغول بالقضية ويتابعها لحظة بلحظة، ويحمل هذا التصريح فى طياته استعداء لأمريكا على مصر واستقواء بها على مسلميها، كما لو أن كل الذى فعله المصريون غير كاف وها هو الخلاص قد جاء على يد البيت الأبيض، كما كتب الناشط القبطى مدحت قلادة مقالا يلعن فى عنوانه إسرائيل لكن ما إن تقرا السطور الأولى من المقال حتى تكتشف دون عناء أنه يلعن مصر وقوانينها وشعبها وحكومتها، ومثل هذه التصرفات غير المسؤولة تؤجج نار الفتنة بين الطرفين وتجعل الأقباط محل شك بعد أن كانوا محل محبة.
الميل للعزلة
الناس أعداء ما جهلوا، هذه المقولة يرددها الناس باعتبارها يقينا، وإذا راقبت كلام المصريين كبار السن الذين يترحمون على أيام الصفا بين المسلمين والمسيحيين ستجدهم يرددون أن المسلم كان يتنقل بين بيت المسيحى وكأنه بيته والعكس صحيح، وأن أعز أصدقاء المسلمين مسيحيون والعكس صحيح، أما الآن فنادراً ما تجد مسيحياً يدخل بيت مسلم أو العكس، وحتى فى المجتمعات المختلطة مثل الجامعات ستجد أن المسيحيين يشكلون فيما بينهم جيتوهات ولا يسمحون بدخول المسلمين فى جماعاتهم، وكذلك الأمر فى النوادى وحتى بعض الشركات، وهذا كله يجعل المسلمين يجهلون المسيحيين، ومن ثم يبدأ الارتياب ومن بعده العداوة.
مقولة أصحاب الأرض الأصليين
هناك خطأ علمى وتاريخى كبير شاع بقوة فى الآونة الأخيرة، وهذا الخطأ أدى إلى إذكاء روح التعصب وإنماء الكراهية، فبعض المسيحيين يعتقدون أنهم «أصحاب الأرض الأصليين» وأن المسلمين كما قال أحد أكبر القساوسة «ضيوف» وهذه المغالطة التاريخية الكبيرة تجعل شباب المسيحيين فى حالة احتقان دائم متمثلين المثل القائل «البيت بيت أبونا والغرب يطردونا» وهذا بالطبع تصرف خاطئ جملة وتفصيلا، فمسلمو مصر لم يهبطوا إليها من السماء، ولم يأتوا إليها كما يقال من شبه الجزيرة العربية، وإنما كانوا مسيحيين وتحولوا إلى الإسلام، بما يعنى أنهم وارثوا الدولة والأرض من أجدادهم مثل المسيحيين تماما، والدراسات العلمية الجادة والمحترمة تجزم بما لا يدع مجالا للشك بأنه لا يوجد نقاء عرقى فى كل العالم بما يعنى أن أجناس العالم كلها مختلطة ولا يوجد سكان أصليون ولا آخرون مهجنون، بالإضافة طبعاً إلى أن النظر إلى المشكلات على أساس عرقى أو دينى أو طائفى أمر غير مقبول فى شريعة الدولة المدنية، فكيف نقنع المسلمين بالتخلى عن هذه النزعات العنصرية فى حين أن المسيحيين يؤكدونها مراراً وتكراراً وبمناسبة وبدون.
التهديد بـ«أمن الدولة»
من أكثر الأشياء التى تهدد وحدة شعب مصر وتنمى الإحساس بالتمييز الدينى، فكرة أن المسيحيين محميون بجهاز أمن الدولة، ومجرد ذكر اسم هذا الجهاز يثير الرعب داخل النفوس؛ لما يقال عنه من استخدام أقسى أنواع التعذيب والتنكيل بالمعتقلين، منذ فترة بعيدة، أصبح المسلمون على يقين بأن المسيحيين متميزين عنهم بحماية هذا الجهاز الجبار، وبعض المتهورين من الأقباط أصبح يهدد كل من يتشاجر معه باللجوء إلى هذا الجهاز، وهذا التصرف فى حد ذاته أصبح يثير مشاعر الكراهية والتفرقة، فحتى لو كانت الدولة تخشى من وقوع الفتن ولذا تحاول أن تئدها فى مهدها بتولية أمن الدولة هذا الملف فمن المستحب من إخواننا الأقباط ألا يستعذبوا هذه الفكرة لأنها تصب فى خانة الكراهية التى لا نريد لها أن تعم.
الأنبا بيشوى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة