كأن اسم عامر عاشور عبد الظاهر، مجهولا حتى يومين، وكأن يمكن أن يبقى مجهولا لو لم تنطلق رصاصاته إلى ضحايا قطار سمالوط، وكأن يمكن أن تبدو الجريمة بالفعل جريمة اختلال عقلى أو مرض نفسى لو كأن الضحايا متنوعين بين مسلم ومسيحى، لكن الواقع أن عامر أصبح علما، وعنوانا على حادث يسعى الأمن إلى أن يصنف بوصفه حادث اختلال عقلى أو مرض نفسى.. ويصر بعض المسيحيين على أنه طائفى.. بالرغم من أن المتهم كان يخدم فى عيد الميلاد لحراسة كنيسة، وهى النقطة التى يستند إليها الأمن ليؤكد أن الحادث ليس طائفيًا.
الحادث جاء بعد أيام من انفجار كنيسة القديسين بالإسكندرية ووسط حالة من الاحتقان تتجاوز الاختلال العقلى إلى الاختلال السياسى والاجتماعى.. وبعض أهالى الضحايا يقولون إنه كان يستهدفهم شخصيا، فهل يمكن أن يكون مختل نفسيا تم توجيهه من أحد المختلين طائفيا؟.
وحتى لو كان عامر مختلا أو مصابا بمرض نفسى فإنه يفتح الباب لتفسيرات وتأويلات تتجاوز الاختلال، لأن ملفه حسبما هو معلن حتى الآن يشير إلى أنه بالفعل مصاب بمرض نفسى، وأنه ممنوع قبل 3 سنوات من حمل السلاح بقرار من اللجنة الطبية، وتقول زوجته إنه أصيب بمرض نفسى بعد أن توفى زميل له أمام عينه، ربما كان كل هذا صحيحًا.. لكن.. من سمح لمريض نفسى أن يحمل سلاحًا، بينما أمثاله يفترض أن ينقلوا إلى مهام إدارية تتناسب مع حالته.
وكلها عناصر تكشف إلى أى مدى هناك اختلال عقلى يصيب مؤسسات الدولة، واختلال اجتماعى يتبدى فى تزايد أعداد المنتحرين والمكتئبين والمحبطين.. ولا ننسى أن سائق المقاولون العرب الذى قتل زملاءه تردد أنه أصيب بجنون وقتى أدى به لإطلاق النار على زملائه، لكن اتضح أنه بيت النية واشترى سلاحًا.
لقد أصبحت فكرة المختل العقلى تثير سخرية الناس من كثرة ترديدها، ولدينا مئات من المختلين نفسيا وعقليا يفترض أنهم يشغلون مواقع فى أجهزة الدولة أو أجهزة الأمن.. وكل واحد من هؤلاء يشكل قنبلة قابلة للانفجار.
والذى أعطى السلاح لعامر بالرغم من قرار اللجنة الطبية هو أيضا متهم، وربما كان النظام الإدارى الذى يمنع إحالة المريض للمعاش وضمان حقوقه، هو الذى اضطر عامر للعمل وهو مصاب ومريض. لكن الجريمة فى كل الأحوال تؤكد أن هناك اختلالا اجتماعياً وسياسياً يتجاوز الخلل العقلى.. ويبدو أخطر منه.