تعرفون هذا الاسم جيدا، أحمد هاشم السيد (25 عاما) يعيش فى الإسكندرية ولا يجد عملا، يستيقظ من نومه كل يوم ليجد نفسه ميتا، العجز رفيقه وقلة الحيلة سمته، وهوانه على الناس كل ما تحمله ذاكرته.. إذن لماذا يعيش ويدب بقدميه على شوارع لا تحتمله، ووسط بشر يلفظونه، وفى مناخ لا يقبل به مواطنا صالحا ذا كرامه له دور فى المجتمع!
أحمد هاشم السيد الذى يموت كل يوم قرر أن يضع حداً لحياته على الملأ، على الأقل ليسبب قليلا من الألم وعذاب الضمير لكل الذين تجاهلوه ولم يأخذوا بيده حتى يصبح فردا نافعا لمجتمعه، ويسبب قليلا من الخوف والقلق لكل الذين دقوا المسامير فى نعشه بسياساتهم الفاشلة والمفقرة.
أحمد هاشم السيد (25 عاما) لم يعرف شيئا من بهجة الحياة التى ينهل منها أقرانه، ولم يجرب الحب والحلم بالزواج والترقى فى الوظيفة، لأنه مازال فى قاع هرم "ماسلو" يبحث عما يأكل يوماً بيوم، وعما يستره لحظة بلحظة، عندما يجوع ينظر فى عينى أمه العجوز وأبيه الشيخ يسألهما طعاما قد يجدانه أو لا يجدانه، وعندما يضطر إلى خلع ملابسه المتسخة ليغسلها ينتظر داخل البيت حتى تجف الملابس المغسولة، فكيف لا تمرض نفسه ويكتئب، وينظر إلى حياته المهينة باستهانة تستحقها!
أحمد هاشم السيد (25 عاما) قرر الموت على الملأ، قطع شرايين يده، وأضرم النار فى جسده المتهالك، وتحقق له ما أراد، فلفظ أنفاسه الأخيرة فى المستشفى الجامعى قبل أن يوجه له المحقق الأسئلة التى يعرف إجابتها مسبقا، لماذا أقدمت على الانتحار؟ لماذا أشعلت النار فى بدنك الضعيف؟ لماذا هانت عليك الحياة التى نعتز بها جميعا ونخاف كلنا أن نفقدها؟
لماذا ولماذا ولماذا ، ألف لماذا، والإجابات نقرؤها فى العيون وعلى الوجوه، ونجدها مرسومة على الهواء الذى نتنفسه، المكان الذى لا يُؤنث لا يعول عليه، والحياة التى ليس لها من اسمها نصيب لا تستحق أن تُعاش!
أحمد هاشم السيد (25 عاما) مات متأثرا بحروقه وجراحه وآلامه وعذابه وهوانه وفقره، وإهدار كرامته، فلا تتصوروا أن قرار الخلاص كان سهلا عليه، ولا تعتقدوا أن وداع الأمل فى عز ظلمة اليأس كان يسيرا على شاب تدفعه سنواته الخمس والعشرين إلى المجاهدة ليشق الصخور بأظافره، لكنها تجربة الموت كل يوم وكل لحظة، والتى تجعل قرار النهاية خلاصا سريعا!.
اللهم ارحم أحمد هاشم السيد واغفر له ولنا... اللهم لا تدخلنا التجربة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة