حافظ أبو سعدة

تونس وسقوط دولة الاستبداد

الخميس، 20 يناير 2011 10:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انهيار نظام بن على المفاجئ أمام تظاهرات الشعب التونسى البطل بهذه السرعة يكشف عن حقيقة النظم البوليسية والاستبدادية التى تنتهك كل الحقوق والحريات وتصادرها لصالح مجموعة من الفاسدين الذين يسيطرون على الثروات ويتحكمون بالسلطة، فأول ما يشعرون بدبيب أقدام الشعوب يفرون كالفئران المذعورة حاملين ما يمكن حملة بعد التأكد من بقاء ما لديهم من ثروات فى خزائن الغرب ويبحثون عن الملجأ الآمن.

والنظام التونسى كان النموذج لكل النظم فى المنطقة التى تمسك البلاد بالحديد والنار ومبررها الذى تقدمه للمجتمع الداخلى وللمجتمع الدولى هو الخوف من الأصولية.

ثم بعد ذلك أصبح الإقصاء آلية ومنهجا لإبعاد كل من يخالفهم من نشطاء حقوق الإنسان والقوى الاشتراكية والليبرالية. وللأسف قبلت الحكومات الغربية هذا الأمر واعتبرته مسلّمة وثمنا يجب قبوله لكى تستمر مصالحها، ونذكر جميعاً خطاب الرئيس الفرنسى جاك شيراك فى تونس عندما أشاد بالتقدم فى مجال الحقوق الاقتصادية وتجاهل الحقوق المدنية والسياسية، ولا شك أنه كان هناك تواطؤ من الحكومات الغربية مكنت النظام هناك من الاستبداد ليس فقط ضد شعبه وإنما حتى ضد الانتقادات التى تظهر من آن لآخر فى العواصم الغربية فتم سجن النشطاء ومطاردتهم، ونتذكر راضية نصراوى ومحمد حمامى ومحمد عبو ومنصف المرزوقى وسهير بن حسن والتضييق على مجلس الحريات والرابطة التونسية لحقوق الإنسان وغيرهم من النشطاء الذين يمكن أن تجتمع بهم جميعاً فى فرنسا أقرب من أن تزور أحدهم فى منزله الخاضع لمراقبة أجهرة الأمن.

لقد استخدم هذا النظام أخطر الأساليب ضد هؤلاء من تلفيق قضايا جنائية ضدهم وأيضاً إلغاء الحق فى التنظيم وإغلاق جميع المؤسسات المدنية والتضييق على المؤسسات النقابية وحتى القضاء التونسى لم يسلم من ضرباته التى أنهت على استقلاله وحارب الأصوات الحرة من القضاة فعزل وفصل وضيق عليهم.

كان هذا يتم وفى نفس الوقت كان الفساد يستشرى فى البلاد فتغيب المعارضة وخنق الحريات ومصادرة حريات الرأى والتعبير وتقييد الانترنت، كانت البيئة المناسبة لانتشار الفساد بين عائلة زوجة وأصهار الرئيس والمتحكمين فى السلطة والمتحكمين فى حزب التجمع الدستورى وهو الحزب الذى احتكر السلطة والنفوذ فى الدولة، وطبعا عبر الانتخابات المزورة والمزيفة التى تصل بنسب تسعينية والباقى من النسبة تركت لأحزاب ورقية لا تسمن ولا تغنى من جوع، فى الحقيقة كان نظام الاستبداد التونسى ملهما لكثير من الحكومات فى المنطقة وأصبح نموذجاً يحتذى لا شك فى استبداده وفساده.

والسؤال: هل يمكن أن تكون ثورة الشعب التونسى ملهمة أيضا للشعوب فى المنطقة، هل يمكن أن تستمع الحكومة المصرية مثلا لأصوات العقلاء وأن تبدأ فوراً فى إصلاحات دستورية وقانونية.
هل يمكن أن تبدأ مصر فى محاربة جادة للفساد ومحاكمة هؤلاء الذين نهبوا الثروات والذين سهلوا لهم.
ما حدث فى تونس لن يقف عند هذا الحد ولكن سوف تكون بمثابة كرة الثلج التى سوف تكبر وتتدحرج وتمر على كل بلدان المنطقة.

إنها الموجة الرابعة من الديمقراطية التى تأخرت كثيراً فى الوصول إلينا وتونس هنا سوف تكون كألمانيا الشرقية وسوف يؤرخ للتحول الديمقراطى فى المنطقة العربية بالثورة الشعبية فى تونس وهروب الرئيس المخلوع بن على وسقوط دولة الاستبداد.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة