مظاهرات يوم الغضب 25 يناير، أكدت أن مصر دوما ولادة، وتستطيع أن تنجب طول الوقت أبناء الرفض لأى ظالم يدوس أو يتخطى حدودها .. وإن كانت فى بعض الأحيان هذه الحدود مطاطة أو حدودها تتحمل ما لا طاقة لأى أجناس أخرى .. وإن كانت الجينات المصرية أكثر صبرا وتحملا، مما يجعل البعض يظن أن شعبها قد تآكل أو عشش عليه الإحباط الذى دغدغ مشاعره، إلا أن الفترة الأخيرة جاءت لتؤكد لتلك الحكومة البلهاء أن هذا الشعب قد صار "كومة" فى الضحايا غير القادرين على تصحيح مسار هؤلاء الوزراء، الذين استنفدوا كل مرات الرسوب فى كل القضايا التى تشغل الرأى العام.
ولأنها حكومة لا تقدر العواقب والمواقف ولا تفهم كيف تدير الأزمات، فلم تلتفت كثيرا لكل متطلبات القوى السياسية بكافة ميولها وأطيافها، وكالعادة طبقت مثلها الشائع " ودن من طين وودن من عجين"، ولم تبال حتى بالموعد الذى حددته القوى الوطنية للتظاهر يوم 25 يناير الساعة 12 ظهرا.
ولكن جاءت المفاجأة المدوية التى لم يتوقعها أحد، وخرج الآلاف من المتظاهرين يعلنون يوم الغضب ضد هذه الحكومة التى أضاعت كل فرص التفاهم، ومما لفت نظرى هو سقوط الإعلام الحكومى بكل غطرسته وأدواته الباهتة تحت أقدام شباب الفيس بوك، الذين أداروا وجوههم لإعلام أنس الفقى وإعلام الشاشات الليلية، بعدما تأكدوا أنه أصبح مشابها للإعلام الحكومى.
ذهبت مجاميع الشباب لتشكل وجدانها بالطريقة التى تراها الأفضل والأنسب لها، واستطاعت جموع الشباب أن تحدد خرائط المظاهرات من خلال موقع الفيس بوك وتويتر، وحددوا كل المواقيت التى سيلتقون من خلالها بدقة متناهية وكأنها غرفة عمليات منظمة لإدارة تلك المظاهرة الكبرى.
استطاع هؤلاء الشباب أن يوقفوا مفعول موقعى وزارة الداخلية والخارجية معا، حتى لا يبثان أى أخبار ضدهم، ورغم محاولات الحكومة أيضا أن ترد بتعطيل حركة الفيس بوك وتويتر ، إلا أن الخبرات الواسعة لهؤلاء الشباب كانت تجعلهم قادرين على إعادة الحياة للفيس بوك للتواصل معا من أجل استكمال مسيرة تلك المظاهرات.
ولكن لأنها حكومة غبية تستمتع بفرد العضلات، فلم تجد وسيلة لإثبات هذا التطور المذهل سواء فى إدارة المظاهرات أو فى الرغبة فى تحقيق الطلبات المشروعة لهؤلاء المتظاهرين، فجاءت القوة الوحشية واستخدام قنابل الدخان وخراطيم المياه والمصفحات لتفض المظاهرات، ظنا منها أنها انتصرت بالضربة القاضية، ويبدو أن الغمامة مازالت على العيون لأنهم لم يدركوا أن الجولة الأولى يوم 25 يناير، ومازالت هناك جولات أخرى قريبة جدا وربما ستكون قاصية وموجعة لهؤلاء الوزراء الذين جعلوا الانتحار هو أسهل الطرق لحل الأزمات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة