فى حياة أى صحفى قصص عديدة تختزنها الذاكرة، وإن لم تنشر فى حينها تعد شهادة مؤجلة لوقت لا يجب فيه أن تؤجل الشهادة، والآن يمر الوطن بمنحة إن لم تتكاتف فيه كل الجهود لا يعلم إلا الله ماذا سيحل بنا؟
وأما الحكاية، فهى قد حدثت منذ أكثر من عام حين كنت أجلس فى الجريدة ودخلت زميلة شابة تحكى بصفاء نية عن لقائها المرتب مع الدكتور البرادعى، وقالت: إنها سألته عدداً من الأسئلة، وأن أخاه هو الذى كان يرد، وراحت تحكى كيف أن أخوات الدكتور البرادعى هن اللاتى يرتبن اللقاءات، وبدا لى أن الزميلة لم تكن تفطن لما تقوله، إلا من شكوى إنها لم تحصل على إجابات لأسئلتها، لأن أخو الدكتور البرادعى قال لها، إنه لا وقت لديه لوسائل الإعلام المصرية، وأنه فى إطار إجاباته على الميديا العالمية سيجيب على بعض أسئلتها، وبالتالى تستطيع هى أن تنقل ذلك عنه، وكانت تلك هى مشكلة الزميلة الصغيرة أنها تريد أن تأخذ من البرادعى الإجابات مباشرة، أما أنا فكان همى أننى كنت حتى هذه اللحظة أحترم الرجل الذى عاد إلى بلاده بعد رحلة طويلة يطلب التغيير ويكرس قدراته الدولية من أجل الإضافة لبلاده، ولكنى فوجئت بنموذج مختلف على أرض الواقع، فالرجل لم يكن من حقه بعد الترشح للرئاسة ولا يقود حزباً أى حزب، وهو بلا صلاحيات سلطوية، ورغم ذلك تظهر أسرته تحيط به وتتحدث باسمه للإعلام وتتعامل مع الصحافة المحلية بصلف وتكبر يا سلااااااااام، فماذا لو أصبح مرشحاً فعلياً؟ يا نهار أسود! هل تتحول أسرته إلى عائلة ملكية؟ واعتبرت أن تلك ما يصدق عليها القول أول القصيدة كفر.
وبقت حكاية البرادعى الصامت وإخوته أو أسرته المالكة المتحدثين باسمه فى ذاكرتى إلى أن قرأت خبر عودته الميمونة وتصريحاته بأن عائد إلى أرض الوطن لكى يقود التغيير السياسى يا سلام سلم.. كيف يستطيع ذلك الرجل المتلعثم دوماً، اللعب على الأوتار المجروحة، أن يمتلك تلك الجرأة على أن يأتى ليقتنص أحلام الشباب، الذين يبدون كالورد فى شوارع المحروسة، وليس البرادعى مناضل التويتر وحده هو الذى يبحث عن مكان فى الصورة، فعديد ممن خرجوا يسيرون مع الشباب هم أبطال من ورق يبحثون عن دور وضوء، وليقل لى أحد أى أحد من يكون رامى لكح حتى نراه يتصدر مشهد غضبة الشباب، أليس هذا هو الرجل الذى هرب سنين إلى باريس يجلس على مقاهيها وينفق أموال البنوك فى شراء صحف ومقاهى، وللأسف لم يقف الأمر عند البرادعى أو رامى لكح، لكنى رأيت وجوهاً أخرى تبدو كالأشواك فى وسط الورود.
فإن كانت الأرض يرثها الأتقياء فيبدو لى أن ثورة الشباب فى مصر من الممكن أن يرثها أبطال من ورق هم فى الأصل أشواك فى حياتنا.
ولا أجد خيراً من أغنية حمد الله ع السلامة.. يا جاى من السفر.. وحشانا الابتسامة.. وشك ولا القمر.. ليكتبها مستقبلو البرادعى على يافطات وهم فى انتظاره على أبواب مطار القاهرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة