7 مساجد أثرية «كرَّمناها» على البنكنوت ودمرناها فى الواقع.. ومسجدان فقط كانا الأوفر حظاً واحتفظا برونقهما وجمالهما

الخميس، 06 يناير 2011 07:23 م
7 مساجد أثرية «كرَّمناها» على البنكنوت ودمرناها فى الواقع.. ومسجدان فقط كانا الأوفر حظاً واحتفظا برونقهما وجمالهما مسجد قانيباى الرماح
وائل السمرى - دينا عبد العليم - هدى زكريا - تصوير - عمرودياب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ مسجد قانيباى الرماح استقر على ورقة الـ200 جنيه ومنبره الأجمل سرقه اللصوص
كشفت عملية سرقة منبر مسجد قانيباى الرماح عن عدة مفارقات ترقى إلى حجم المأساة، فهذا الجامع الأثرى الكبير الذى وقعت فيه حادثة السرقة المدوية ليس مجهولا، ولا يقع فى منطقة نائية بعيدة عن الأعين لكى تتم سرقته، والأغرب من كل هذا أن الدولة تعتبره أحد أهم معالمها السياحية والأثرية والثقافية، بدليل وضع صورته على العملة الورقية فئة المائتى جنيه، وهنا تكتمل الكارثة فمن المعروف أن الدول تضع أهم ما بها من معالم على العملات المتداولة لتفتخر بهذه المعالم بين الأمم، وتظهر للعالم مدى عراقتها وأصالتها وتحضرها، ومن ناحية أخرى تريد الدول أن تسلط الضوء على هذه المعالم لتروّج لها تدعيما للسياحة، فماذا سيحدث إذا أحصى أحد السائحين الآثار الإسلامية الموجودة على العملات المصرية وحاول أن يزورها؟.. «اليوم السابع» سألت هذا السؤال، وفى هذه الزيارة الميدانية ستجد الإجابة.

السيدة عائشة على عملة «25 قرشاً».. الدعاية الانتخابية على الجدران
قبل دخولك المسجد الواقع فى ميدان السيدة عائشة ستفاجأ بكم الإهمال الواقع فى المنطقة، فالمكان مزدحم دائما، والباعة الجائلون منتشرون على الأرصفة وفى قلب الشارع، ومواقف الميكروباص تزيد الميدان ازدحاما وفوضى، وفى الجهة المقابلة للمسجد مبنى للمراحيض العمومية تفوح منه الرائحة على بقية الميدان، ويبدو منظر المسجد من بعيد مطابقا تماما للصورة المرسومة على العملة، ولكن فور اقترابك منه تبدأ فى مقارنة الصورة بالواقع فترى جدرانه مازالت تحتفظ بآثار ملصقات الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والأبواب الخشبية المتآكلة والأعمدة التى أخفت ملامحها الرطوبة لدرجة تنبئ بسقوطها فى أى لحظة، ومصابيح إضاءة يكسوها التراب من كل ناحية حتى إنك تظن أنها لم تعمل منذ عشرات السنين، ومن داخل المسجد الذى أعيد بناؤه على يد الأمير «عبدالرحمن كتخدا»، سترى النائمين على الأرض وبقايا الأوراق والأطعمة والستائر المهترئة، والسجاجيد الملقاة على الجوانب، والكراسى الخشبية المهشمة، لتعرف كيف صار حال المسجد.

الأزهر على عملة «50 قرشاً».. أقدم أثر اسلامى
على الخمسين قرشا سترى صورة المسجد الأشهر فى مصر والعالم العربى والإسلامى، وهو مسجد الأزهر، أقدم أثر إسلامى فاطمى فى مصر، وكان عبارة عن صحن تطل عليه ثلاثة أروقة، أكبرها رواق القبلة، وكانت مساحته وقت إنشائه تقترب من نصف مساحته الآن، حيث أضيفت له مجموعة كبيرة من الأروقة والمدارس والمحاريب والمآذن، على مر العصور المختلفة والتى غيرت من معالمه، وإن تأملت المسجد من الخارج فلن تشعر أنك تقف أمام أقدم مسجد أثرى فى القاهرة، بعدما قام وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان وشركة المقاولون العرب بترميمه عام 1998، واعتبره أساتذة الآثار الإسلامية جريمة فى حق التاريخ والأثر، خاصة أن عملية الترميم تمت دون الاستعانة بخبراء الترميم من المجلس الأعلى للآثار، وهو ما أدى لانهيار أرضية المسجد عقب افتتاحه، مما أدى لهدم المسجد وإعادة بنائه من جديد، لذا يمكننا القول بأن الأزهر الذى شيده جوهر الصقلى عام 970 حتى عام 975 ميلاديا، غير الأزهر المعروف حاليا، هذا بالطبع خلاف انتشار الشحاذين حوله، وبلطجة «السياس» على زائريه للدرجة التى جعلتهم يهددون الزائرين من أصحاب السيارات بأنه إذا لم يدفع لهم ما يطلبونه فإن سياراتهم ستتعرض للسرقة.

قايتباى على عملة «الجنيه».. حوائطه منهارة
«الجنيه» هو العملة الرسمية لمصر، لذا يمكن القول بأن المسجد المرسوم عليها من أهم المساجد فى مصر، إنه مسجد «قايتباى»، الذى أنشأه السلطان «قايتباى»، عام 1472، وسط مبانى حى قايتباى العتيق «سابقا» ومقابر المماليك «حاليا»، وبمجرد رؤيتك المكان ستعرف بديهيا أنه بالكامل أثر، وليس المسجد فقط، فمجموعة المساجد الموجودة والمقابر الموجودة بالمكان، كلها ذات تصميمات أثرية فريدة، لكن من قريب المشهد مختلف تماما، فالمسجد الذى تحمل العملة الرسمية لمصر صورته قبته متآكل تماما، وانهارت معظم حوائطه، لذا لن تشاهد سوى أسوار حجرية، ولا يختلف الوضع داخل السلالم الرخامية للمسجد التى تهدمت، كما اندثرت النقوش التى تزين سقف المبنى، والمسجد بأكمله تحول إلى «خرابة» لا أحد يعلم ما بداخلها.

أحمد بن طولون على الـ«خمسة جنيهات».. قناديله مهشمة
على «الخمسة جنيهات» ستشاهد صورة لمسجد أحمد بن طولون، الذى يتم ترميمه حاليا بمعرفة المجلس الأعلى للآثار، وبالرغم من ذلك تقام بداخله الشعائر الدينية، وقد أنشأ هذا المسجد أحمد بن طولون عام 263 هجريا، وأنفق عليه 120 ألف دينار ليظهر بهذا الشكل المعمارى الفريد، لكن حالة المسجد الآن تختلف تماما الاختلاف عن صورته المرسومة على العملة، فجدران المسجد متآكلة بفعل الرطوبة والقناديل المتدلية فى البهو مهشمة والقمامة تكسو الأرضية، وبالرغم من ذلك لم يمنع كل هذا السائحين من ارتياد المسجد لمشاهدته، وفى ساحة المسجد تجد القبلة التى تتوسط صحن المسجد، وعلى يسارك منبر مصنوع من الخشب المجمّع على هيئة أشكال هندسية تظهر ملامحه بالكاد، وتخفت آثار النقوش والكتابات من عليه، وبجانب المنبر يقع المحراب الذى لم يبق من معالمه الأصلية سوى تجويفه والأعمدة الرخامية التى تكتنفه، وفى أقصى يسار سطح المسجد وتحديدا بجانب المئذنة التى تعد أقدم مئذنة فى مصر، تقابل أجزاء محطمة من الأعمدة المزينة للسطح.

الرفاعى على الـ«عشرة جنيهات» جدران متآكله
تزين صورة هذا المسجد عملة «العشرة جنيهات»، وقد يكون هذا المسجد من المساجد الأوفر حظا بين مساجد مصر الأثرية من حيث نظافته واحتفاظه بأهم معالمه وتصميماته الهندسية، وربما يرجع هذا إلى وجوده داخل منطقة تشرف عليها وزارة السياحة، وحداثة بنائه، وتم تشييده عام 1911 وسمى بهذا الاسم نسبة إلى أحمد عز الدين الصياد الرفاعى أحد أحفاد الإمام أحمد الرفاعى، ويضم رفاة بعض أفراد الأسرة الحاكمة فى مصر الملكية مثل قبر الملك فاروق الأول والخديو إسماعيل ووالدته، بالإضافة إلى قبر شاه إيران رضا بهلوى. يتوسط المسجد منبر خشبى، وعلى جدرانه النقوش والكتابات المذهبة، بالإضافة إلى سقفه المزين بالزجاج المُعشق الملون، هذا عن المشهد من الخارج، لكن بمجرد دخولك الغرفة التى تقع على يمين المنبر والموجود بها مقام «يحيى الأنصارى» سترى حالة شاذة من الإهمال فجدارن المقام متآكلة من الرطوبة وبالغرفة بعض أغلفة أطعمة، والأتربة تكسو كل شىء، وكأنها فى مسجد آخر يعود تاريخه لمئات السنين.

أبوحريبة على الـ«خمسين جنيها».. الحيوانات ترعى بجانبه
حالة غريبة من الإهمال الجسيم يمثلها مسجد أبو حريبة، المرسومة صورته على عملة الخمسين جنيها، والذى بناه الأمير قجماس الإسحاقى، أحد أمراء المماليك الجراكسة سنة 1479، ويقع خلف مديرية أمن القاهرة، بشارع الدرب الأحمر، وعندما تقترب من المدخل تجد فى استقبالك قطة تلاعب أطفالها وتستنشق رائحة كريهة كأنك تمر بجوار دورات مياه عامة، كما ترى حوائط المسجد وقد كساها الاتساخ من كل جانب، وأكثر ما يلفت النظر فى المسجد هو لافتة مكتوب عليها «غرفة الأمن والحراسة موجودة أسفل المسجد بجوار دورات المياه» فتتبع السلم المؤدى لدورات المياه لتفاجأ بخلو المكان تماما من الأمن، وترى سجاجيد الصلاة تتوسط المكان وتتوجه قبلتها تجاه دورات المياه، وقبل أن تتبع الإرشادات المكتوبة وتهبط السلم، تجد على يمينك غرفة مخصصة للرجال يتقدمها منبر خشبى مطعم بالعاج وتزينه الأطباق النجمية، وتعلوه نوافذ مغطاة بشبابيك من الجص المفرغ المعشّق بالزجاج الملون.

قانيباى الرماح على «مائتى جنيه».. سُرق منبره
بقى مسجد واحد من مجموعة المساجد الأثرية المرسومة على العملات وهو مسجد قانيباى الرماح، الموضوعة صورته على عملة الـ 200 جنيه، والذى يكفى لمعرفة حالته العودة لواقعة سرقة منبره الأثرى الذى يساوى 5 ملايين دولار، واكتشاف واقعة السرقة بالصدفة.
المسجد شيده السلطان قايتباى عام 1503، ويقع أمام مسجد الرفاعى والسلطان حسن فى ميدان القلعة، المسجد مغلق منذ عام 1992، وموضوع على بابه قفل كبير يحمل من الصدأ ما يكفى لمنع فتحه مجددا، وبالرغم من احتفاظ مبنى المسجد بصلابته، فلا تجد به قبة متآكلة أو مئذنة، إلا أننا لا نستطيع الحكم عليه من الداخل، لكن يمكنك تصور الوضع عندما ترى ما يحيط بجهات المسجد الأربع من قمامة.

محمد على فوق عملة الـ«عشرين جنيها».. الأوفر حظا
يمكن اعتبار مسجد محمد على الذى تحمل عملة العشرين جنيها صورته، من المساجد الأوفر حظا أيشضا، نظرا لوجوده ضمن حرم أهم المناطق السياحية والأثرية فى مصر، وهى قلعة صلاح الدين الأثرية، وهو ما يجعله محتفظا بأثريته ونظافته، وقد أنشئ المسجد عام 1830م، على أطلال أبنية قديمة مخلفة من مبانى المماليك، واكتمل بناؤه عام 1848م، وتمت نقوشه وزخارفه، وبنى على نسق المساجد العثمانية المشيدة فى استانبول، ويقع فيه قبر محمد على الكبير، تعلوه تركيبة رخامية مدقوق بها زخارف وكتابات، وتحيط به مقصورة من البرونز المشغول، والمنبر الأصلى للمسجد هو المنبر الكبير المصنوع من الخشب المحلى بزخارف مذهبة، أما المنبر المرمرى الصغير فهو الواقع إلى يسار المحراب.

وكذلك السلطان حسن على الـ«مائة جنيه»
بالرغم من وجوده فى المكان نفسه فإن حالة مسجد السلطان حسن المرسومة صورته على عملة الـ 100 جنيه، تبدو أكثر تدهورا من حالة مسجد الرفاعى، ومسجد السلطان حسن بناه الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، سنة 1356م، واستكمل بعد وفاته على يد أحد أمرائه. والمسجد الذى تحرسه من الخارج شرطة السياحة والآثار ومن الداخل يخضع لإشراف وزارة الأوقاف لم يسلم من الإهمال، فأجهزة الإنذار الخاصة ببواباته لا تعمل، فلن ينطلق صفير إنذار إذا دخلت أو خرجت من المسجد بشىء معدنى، وقناديل الإضاءة جزء منها يعمل وآخر لا يعمل، أما المنبر فمصنوع من الرخام، وبجواره كرسيان من الخشب أحدهما يرتفع عن الأرض بمسافة متر، وآخر خاص للمقرئ، فى حين بقيت أسقفه محتفظة بلونها الذهبى والزخارف الكتابية المحفورة عليها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة