تصطفى الأزمات الرجال وتصنع من آلامهم رصيداً لخبرات يختزنها الزمن على مر السنين.. وكانت أحزان علاء مبارك، التى تعاطف معها الشعب المصرى منذ رحيل ابنه محمد.. هى الأزمة الكبرى التى فجرت الكثير من الآلام.. تجاوز علاء مبارك أحزانه والامتحان الصعب الذى اختبره فيه الله سبحانه وتعالى.. فى فقد ابنه الأكبر والحفيد الغالى للزعيم محمد حسنى مبارك، نجح علاء وتمكن من تحويل هذا الحزن إلى عطاء، وكسر شوكة الدموع وانتصر للحياة.. ومع بداية العام الهجرى الجديد منذ أسابيع أنشأ علاء مبارك والسيدة قرينته هايدى راسخ مؤسسة «محمد علاء مبارك الخيرية»، وقد تأثرت جداً وأنا أتابع تصريحات علاء مبارك حول هذا المشروع، لقد ترجم هذا التوجه فى عبارات بسيطة وكلام نابع من القلب حين قال: «أتمنى أن تغطى مؤسسة محمد علاء مبارك كل مساحات الوطن وكل أبنائه وكل الأجيال الجديدة»، هذه المؤسسة ننتظر منها الكثير لتقديم خدمات مشتركة، لأن عليها عبئا كبيرا فى توصيل الرسالة وتخفيف الأزمات عن الجيل الجديد، وقد تقرر أن يكون العام المقبل 2011 هو عام التواجد الرسمى للجمعية على شبكة الإنترنت عن طريق إنشاء موقع خاص بها لتعريف الناس بالأنشطة المختلفة لها ولنشر أخبار الجمعية تباعاً.. وكأن القدر يترقب إنشاء مؤسسة بهذا الحجم فى هذا الوقت بالتحديد الذى تحتاج فيه الأجيال إلى رعاية وإلى تكثيف فى دعم انتمائهم المجتمعى والدينى.
والحقيقة أن ما دفعنى لكتابة هذا المقال هو أننا أمام حالة شديدة الإنسانية، بطلها هو علاء مبارك الذى أحببناه جميعاً ليس لأنه ابن رئيس الجمهورية، ولكن لأنه ابن مصر المواطن البسيط الطيب، عرف عنه الشهامة والرجولة فى مواقفه، هو قريب من المصريين لا يتعالى على أحد ولا يعترف بسكنى البرج العاجى.. ولهذا فإن أحداً لا يختلف على شخصيته الطيبة، بل تحس أنه هو ابن كل بيت وأخ كل شاب.. ولهذا حين أنشأ الجمعية الخيرية التى تحمل اسم ابنه محمد - نجح فى تفعيلها فوراً ووضع أهدافها فى ثلاثة جوانب هى الدينى والاجتماعى والصحى، فالمؤسسة تهتم بالأطفال من غير خريجى الأزهر من حفظة القرآن الكريم تحت سن ثمانية عشر عاماً، فى جميع بلدان مصر.. أما الجانب الصحى فيتم بالتعاون مع وزارة الصحة، حيث يتم حالياً الإعداد لتجديد وحدة الرعاية المركزية بمستشفى شبرا العام لتشمل تسعة عشر سريراً مجهزاً بأحدث الأجهزة، لخدمة أكبر عدد من الناس، بالإضافة إلى إنشاء غرفة عمليات جديدة وتطوير قسم النساء وتزويد المستشفى بالحضانات لرعاية أكبر عدد من الأطفال بالمنطقة الأكثر تكدساً.. هذا المشروع المفاجأة هو للأجيال.. وهذا الرجل الذى يحمل فى صدره قلباً اعتصره الألم بفقد محمد ابنه، الذى كانت وفاته بمثابة مصاب جلل ألم بنا جميعاً.. علاء مبارك كان يرى ابنه الأمل فى الغد.. ويرى معه ملايين الأطفال تنمو فى مجتمع من الحب والسلام.. كان يرصد ملامح أطفال مصر فى ابنه ويكبر الصبى وينهض ويعلمه أبوه الفروسية وركوب الخيل ويدربه.. وفى قمة الحلم والزهو بالفارس الجديد.. يتدخل القدر ويختبر علاء مبارك بهذا الامتحان الذى نجح فيه وترجم الحزن إلى عمل فاعل، هذه المؤسسة التى أنشأها لا تميز بين غنى وفقير لأن الهدف الاسمى هو الوصول إلى كل بيت مصرى. وفى إطار المسابقة التى أجرتها مؤسسة محمد علاء مبارك الخيرية والتى شارك فيها خمسون ألف متسابق دون الثامنة عشرة من أعمارهم.. بدأ التنسيق فى توزيع أنشطة الجمعية، وقد بدأ بالاحتفال بتكريم حفاظ القرآن الكريم من الأطفال، ومع علاء مبارك تقف زوجته هايدى راسخ.. وكلاهما يسعى نحو اتساع نشاطات الجمعية.. إننا بحق أمام زوج وزوجة يعيشان حالة من السمو الروحى والنبل فى المشاعر الإنسانية التى تحيطهما عقب فقدهما فلذة كبدهما «محمد» الذى كان سبباً فى ظهور المؤسسة الخيرية التى تعمل بجهد واضح منذ بداية الاحتفال بالعام الهجرى الجديد أى منذ أيام قليلة.
لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يتوج هذا النشاط لرعاية جيل من المصريين هم فى أشد الحاجة إلى الرعاية والاهتمام بدلاً من الضياع الذى يطارد الكثير من الجيل الجديد، فإن هذه الجمعية كفيلة بلم شملهم والبحث عن أمل جديد. لقد حسم علاء مبارك الهدف من الجمعية وكم كانت كلمته مؤثرة وهو يقول: «لا أريد من عملى هذا أكثر من أن يترحم من يصله الخير على ابنى الراحل محمد.. إننى لن أنسى أبداً موقف والدى ووالدتى فى أيام المحنة وكذلك أخى جمال».
هذا هو علاء مبارك الذى نحبه والذى ندخر فى قلوبنا كل المودة له ولإنسانيته، هو الشاب الذى لا يبخل علينا بعطائه وحبه، يعيش حياته كإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إنسان لم تشغله الحياة بالسعى نحو سلطة أو مكانة فى المجتمع على الرغم من أنه إن أراد ذلك فلن يجد صعوبة فى تحقيق تلك التطلعات، ولكنه قرر أن ينحاز إلى الحياة العادية وإلى الإنسان البسيط فى كل مكان على أرض مصر.
إنه يزرع بهذه الأفكار البناءة أرض مصر بالخضرة الممتدة وهو يعرف أنه حين يضىء الطريق لابن من أبناء مصر الصغار إنما هو يضىء الطريق لأجيال تنتظر أملاً جديداً وروحاً تشرق لمستقبل ملىء بالعزم والكرامة وتحدى المستحيل. يريد علاء مبارك أن يحقق لابناء الجيل الجديد فى مصر ما كان يريده لابنه محمد، سيحصد حب هذه الأجيال الطالعة، التى تنحاز انحيازاً كاملاً لمصرنا الغالية.. إن هذا الرجل حين يقدم هذا المشروع لأبناء مصر.. إنما هو يبذر الخير على أرض صالحة كم قدمت لأبنائها على مدار الزمن وكم عرفنا من رموزها السلام والأمن.. علاء مبارك ابن مصر الذى كل يوم تزيد ثقتنا فيه وفى محبته وفى عطائه المستمر لأبناء مصر.. وليسمح لى علاء مبارك أن أكتب عنه بهذا الحب لأنه يستحق منا كل الحب وأن أكتب عنه بهذا التوهج فهو شخصية تتوهج صدقاً مع النفس وتتوهج بالمشاعر النبيلة التى لم ولن يقصيه عنها كونه ابنا لرئيس مصر.. فليسمح لى علاء مبارك أن أقول له نحن نحبك ونقدرك ونحترمك حتى لو لم تكن تحب أن يقال عنك ذلك، وحتى لو كان حسن تربيتك ودماثة خلقك يحجبانك عنا.. فنحن نتلمس الضوء الذى يصل بنا إليك لنحييك ونقدر فيك المواطن البسيط، ابن كل أسرة مصرية.. ها هو النور يولد والقمر الطالع يثبت بدراً فى بحيرات التأمل.. إننى ها هنا أترقب هذا المشهد الممتد لوطن يحتفى بكل جديد ويرفض الانحناء واليأس والاستسلام للحزن.. والعبور فوق المحنة.. وليعوضك الله خيراً.
محمد فودة
محمد فودة يكتب.. كيف حول علاء مبارك أحزانه إلى مشروع الأجيال
الخميس، 06 يناير 2011 01:20 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة