حمدى الكنيسى

نجاحها.. المؤجل!!

الجمعة، 14 أكتوبر 2011 04:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما نجحت ثورة 25 يناير فى إسقاط رأس النظام، فرحنا وهللنا وتصورنا - ربما لسذاجة منا - أو لضخامة الحدث، أو لقلة المعلومات - أن الثورة قد نجحت، وقبلنا أيادينا «وش وضهر» لكننا مع الوقت اكتشفنا أن النجاح الكامل والحقيقى لم يتحقق بعد، فجذور النظام مازالت قائمة ونشيطة، ومازال الفلول يلعبون ويعبثون بل صاروا يتحركون علنا ويهددون بالويل والثبور لمن يحاول تطبيق قانون الغدر أو العزل السياسى، وقد ساعدهم فى ذلك أخطاء فاقعة من بعض قادة القوى السياسية الذين اشتعل التنافس بينهم فيمن يقضم أكبر قطعة من كعكة الثورة، وتضاربت وتناطحت شعاراتهم، فرفع منهم من رفع شعارات تكاد تضرب وحدة الوطن فى الصميم، وراوغ منهم من راوغ محاولاً إخفاء أغراضه الشخصية والحزبية وغيرها، وتكاثرت ائتلافات الشباب حتى أصابها هى الأخرى ما أصاب القوى السياسية إياها من خلافات واختلافات، وانزوى تقريباً صوت الثورة الحقيقى الذى احتضنه الشعب كله: «صوت الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية» ليحل محله «صوت التصريحات والشعارات والمواقف المتضاربة حول الانتخابات البرلمانية والرئاسية أيهما يتحقق أولاً، وهل هى مدنية أم دينية، ليبرالية أم علمانية.. إلخ»

وقد ساعد أعداء الثورة أيضاً بطء وضعف القرارات والإجراءات، ولعبت الاستجابة السريعة غير المدروسة للطلبات الفئوية والطائفية دورا خطيرا فى دفع كل من هب ودب للانطلاق فى مظاهرات واعتصامات انتهازاً للفرصة الذهبية التى تتيح اقتناص أى مكاسب حتى لو أدى ذلك إلى إيقاف عجلة الإنتاج، وضرب السياحة فى مقتل، ودفع الاقتصاد نحو الهاوية، ومحاولة إشعال الفتنة الطائفية، والإساءة للعلاقة الحميمة بين الشعب والجيش.
وكان من الطبيعى أن يتحرك أعداؤنا المتربصون بنا، والكارهون لثورتنا، والمخططون لتمزيق مصرنا الحبيبة فى إطار خطة تفتيت الدول العربية، كما حدث فى العراق والسودان، وظهر الجواسيس والعملاء المدربون على إثارة الجماهير واستغلال أطماع الطامعين بدفعهم إلى منزلق الصدام الأحمق، بل ظهرت سيارات تجرى بين المتظاهرين لتمويل وتشجيع البلطجية، أو حتى لكى تصدم وتقتل من يوجد فى طريقها! تلك وغيرها من الأسباب والدوافع التى جعلتنا نكتشف مؤخراً أن ثورتنا التى انحنى لها العالم إعجابا وتقديرا، مازال نجاحها مؤجلا ومعنى ذلك - يا حضرات - أن على قادة وزعماء كل القوى السياسية أن يسارعوا بمراجعة وتصحيح مواقفهم، ويتذكروا أن الثورة التى فتحت لهم أبواب الأمل والعمل بحرية كاملة، تستنجد بهم، وتضعهم أمام مسؤولياتهم التاريخية، وتصرخ فيهم بأن الشعب لن يغفر لمن يخونها، وسيكون عقابه فوق الاحتمال!

«يا وزراءنا ارحمونا!!»

بالرغم من أننى لا أرحب بالحملات الهجومية التى تنهال على حكومة الدكتور عصام شرف، إلا أننى لا أتقبل بأى حال تلك التصريحات العشوائية المتناقضة للسادة الوزراء وكبار المسؤولين، فهذا يصفعنا بتصريح أسود يقول إن مصر على وشك الإفلاس، وهذا يهدئ من روعنا بتصريح أبيض يؤكد فيها أن اقتصادنا قوى ولا شبهة للإفلاس، وهذا يقول متحسرا إن أرصدة التأمينات مفقود منها أو ضاع 400 مليون جنيه وعليه العوض ومنه العوض، وقبل أن نضع أيادينا على خدودنا حزنا وحسرة وقلقا، يظهر من يقول: كلا يا حضرات «فلوس التأمينات» فى الحفظ والصون ولم يمسسها سوء!، وتتواصل التصريحات العشوائية فنجد من يؤكد الاستعادة الوشيكة للهارب حسين سالم من أسبانيا، وقبل أن نعانق الفرحة والسعادة، يلطمنا آخر بتصريح ينفى فيه ما قاله زميله، ثم تتجلى الاختلافات المثيرة بين الأخبار والتصريحات الخاصة باللجنة المصرية لاسترداد الأموال المنهوبة من سويسرا، وبريطانيا، وفرنسا وغيرها، فنجد من يعلن أن خطوات إيجابية تتم على طريق استردادها، ويظهر من يكذبه من هذه الدول بتصريح يؤكد أنه لم يتم أى اتصال حقيقى معها ولم تعرض قضيتنا كما يجب!.. ولأننى عجزت عن حصر تلك التصريحات والأخبار العشوائية المتناقضة، فسوف أكتفى بآخر مثال فاقع وهو حكاية «الضريبة العقارية»، نسمع مرة أن موعدها العام القادم 2012، ثم يطمئننا آخر بأنها سوف تطبق فى 2013، ويأتينا ثالث بأنها خاصة بالمسكن الذى يصل ثمنه إلى ثلاثة ملايين جنيه، ويأتى آخر ليرفض ذلك بإباء وشمم!!

هكذا يا حضرات نعيش مأساة التصريحات المتناقضة، والأخبار المتضاربة، وهى ظاهرة لا يقبلها عقل، وتساهم بالتأكيد فيما جرى ويجرى لثورتنا المؤجل نجاحها!!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة