حازم منير

موزاييك سياسى

الأحد، 16 أكتوبر 2011 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تقف أهمية الانتخابات عند حدود التعبير الحر عن الرأى، وقيام الناخب باختيار ممثليه فى البرلمان، والسماح لقوى المجتمع الحية بالتنافس فى إطار من المبادئ القائمة على التساوى بين الجميع، ولكن جانب كبير من أهميتها يرتبط بقدرة الانتخابات على الكشف عن التركيبة السياسية للمجتمع.

وعلى سبيل المثال تمثل التحالفات السياسية الانتخابية بين الأحزاب فى إسرائيل واحدة من العمليات الجوهرية الكاشفة لطبيعة الأحزاب الإسرائيلية، وتحالفاتها الانتخابية القائمة على النفعية والمصلحة الحزبية قبل المصلحة العامة، كما توصل أغلب المتابعين للانتخابات فى الدولة العبرية منذ تأسيسها القسرى وحتى الآن.

و لعل خريطة التحالفات الانتخابية الجارية فى مصر الآن ستكشف عن جانب كبير من أسباب القصور الذى تواجهه عملية التغيير والإصلاح الجارية فى المجتمع، وعن الكوابح الجامحة لتحقيق تطوير أسرع وأكثر جذرية مما هو حادث.

ورغم أن فتح باب تلقى طلبات الترشيح مازال مفتوحا والتحالفات لم تبلغ مرحلتها الأخيرة حتى الآن، إلا أن مؤشرات عديدة تشير إلى أننا فى سبيل بلوغ موزاييك سياسى غير مسبوق يكشف عن درجة نفعية عميقة فى الواقع المصرى، تضرب كل الشعارات والدعاية السياسية فى مقتل.

رموز بارزة فى صفوف الثورة تقاتل من أجل إقرار قانون الغدر أو قانون العزل السياسى ضد "فلول" الحزب الوطنى، وتشن الحملات الدعائية لتحقيق ذلك، فى وسائل الإعلام يوميا، وفجأة تقرر الترشح على قوائم جماعات ليبرالية مضمون نجاحها حتى ولو ضمت هذه القوائم من ينتمى فعليا لـ"فلول" الحزب الوطنى.

رموز بارزة من جماعات ناصرية تخوض "معارك" عنيفة ضد الإخوان المسلمين فى تجمعات نقابية مختلفة، يتحالفون فى الانتخابات البرلمانية، ويشكلون قوائم مشتركة، ربما بعض مرشحيها يرفع شعار"الإسلام هو الحل" ولا تدرى كيف نخوض المواجهات هنا والتحالفات هناك! وكيف نتبادل الاتهامات هنا، ونتبادل الدفاع المشترك هناك!

رموز سياسية قانونية تؤسس أحزابا ببرامج وتوجهات محددة، تسارع إلى الانضمام لتحالف سياسى تحت مظلة حزب ليبرالى حديث التأسيس، مجرد كونه ذو دلالة على قدرة مالية وانتشار جغرافى وخلفية دينية، رغم أنه فى الأغلب ليس كما يعتقد البعض وينظرون له ويلجأون لتحالفه.

الشاهد أننا أمام حالة براجماتية نفعية بمفهوم المصالح الشخصية وليس العامة، ونحن أمام مدرسة سياسية جديدة فى المشهد المصرى، تجعل تحصيل المغانم مقدم على الدفاع عن الأفكار والبرامج السياسية والاجتماعية.

ربما يقول البعض، إن التحالفات جزء من علوم السياسة وهذا بالقطع صحيح، ولكن الفارق الجوهرى يرتبط بالهدف من التحالف، وما إذا كان متصلا بالتوجه السياسى للمتحالفين ومحققا مصلحة لأفكارهم السياسية، والبرنامجية تحت مظلة رؤية سياسية متقاربة ومتوافقة.

الحاصل أن مسيرة الانتخابات البرلمانية ستكشف عن واقع مغاير تماما لما رفعته شعارات العديد من القوى السياسية خلال الأشهر الماضية، وسيكشف عن حالة تنافر وتناقض بين ما يقوله البعض وما يمارسونه، والأهم أنه سيوضح لماذا تتعرقل مسيرة الإصلاح وترتبك.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة