طبعا نحن مقبلون على انتخابات صعبة، يتوقع أن تشهد الكثير من الفوضى والأخطاء، فهى أول انتخابات بعد عقود لم يعرف المصريون فيها الانتخابات، بل مازال الجمهور حائرا، وبالرغم من أن الأحزاب تتهم المجلس العسكرى بالمسؤولية، لا يمكن استبعاد دور هذه الأحزاب خاصة القديمة فى هذه الفوضى لأنها كانت، ولاتزال ومعها نجوم السياسة الجدد، يعلنون الرأى ونقيضه، دون أى اعتذار.
ربما كان المفروض أن تبدأ الخطوة الأولى بدستور يضمن شكل النظام وتكافؤ الفرص، أو انتخابات للمجالس المحلية تساعد الناس على تفهم الانتخابات، واختيار من يمكن أن يشكلوا المستقبل السياسى. لكنهم استراحوا لوجودهم فى صدارة المشهد، دون أن ينتبهوا أنهم يزرعون حيرة سوف تهز صورتهم وتزرع الشك فيهم من قبل جمهور متعطش للأمل.
أما وقد أصبحنا بصدد انتخابات على الأبواب يتوقع أن تشهد الكثير من الأخطاء، ربما علينا أن نعلم أن أى انتخابات تجرى بعد كل هذا الانقطاع لا يتوقع أن تكون مثالية، وأن الانتخابات والسياسة لعبة لا يخوضها المثاليون، فالسياسة ليست كذلك، وتحتاج من يمكنهم التوصل لحلول وسط. ولا ننس أن النظام الانتخابى عندنا مشوه، وإرادة الناخبين لم تتحرر، والمال الذى كان يشترى أصواتا مازال مستعدا للشراء، ومن يبيعوا أصواتهم يكونوا أحيانا مضطرين لهذا، ولا يعلمون أن بيع صوتهم يزيدهم فقرا.
ومع الاعتراف بكل هذه المشكلات والمخاوف، فالطبيعى أن يسعى كل من لديه الاستعداد لخوضها أو المشاركة فيها ولو بالمراقبة، ليس بهدف الفوز ولكن للتعرف على دهاليز النظام الانتخابى واكتساب خبرات يمكن توظيفها مستقبلا أو تعليمها للناس حتى لا يتعرضون للخداع.
ربما لهذا لا يفهم كثيرون إعلان بعض الأحزاب والحركات الجديدة مقاطعة الانتخابات، وهو أمر قد يصبح مقبولا من أحزاب قديمة تناور لمزيد من الفرص، لكنه غير مفهوم لحركات غير معروفة، يمكن أن تكون الانتخابات فرصة ليقدم أعضاؤها أنفسهم للمواطنين المتعطشين إلى وجوه جديدة وخطاب جديد، وهناك أمل لدى قطاعات من المصريين أن يكون البرلمان القادم معبرا عن آمالهم فى مستقبل أفضل. وكثير منهم يريد التخلص من وجوه طالما سرقت إرادته وغامرت بمصالحه.
وليس عيبا أن يحاول من يريد العمل العام أن يسعى ليتعلم، لكننا نرى بعض الأحزاب تحت التأسيس غير معروفة، أعلنت أنها ستقاطع الانتخابات التى لم تعرفها من قبل، استنادا إلى افتراضات تتوقع الخسارة، أو عدم الفهم لدى الجمهور، أو من تصويت خاطئ يخرجهم من السباق، مع أن هذا التصويت الخاطئ متوقع جدا، وأحد دروس الديمقراطية المهمة، ولا يمكن لأحزاب تحت التأسيس أن تقاطع انتخابات يمكن أن تعلمها تجربة، حتى لو كانت نصف انتخابات، وتصر على أن تسجن نفسها فى تصورات مسبقة لم تختبرها، لتبقى أنصاف، أو أرباع أحزاب.