خالد أبو بكر

كان عايز يصلى مات

الإثنين، 17 أكتوبر 2011 10:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إنا لله وإنا إليه راجعون

حاجة غريبة جداً من يوم ما اتعلمت القراءة والكتابة وأنا أسمع إن إخوانا المسيحيين عندهم مشكلة فى الصلاة، والمشكلة ليست أنهم تركوا الصلاة وانشغلوا عنها بأمور الدنيا - أبدا المشكلة أنهم عايزين مكان يصلوا فيه، يادى الفضيحه، بقى دولة بتاريخ بلدنا وبحضارتها وبالناتج الفكرى لمبدعيها، يشتكى أبناؤها من عدم توفير أماكن كى يعبدوا فيها ربهم!! لا حول الله.

مرة فى باريس - ودى بلاد لا علاقة لتنظيمها بأى دين - وصل عدد المصلين فى صلاة الجمعة إلى أضعاف سعة الجامع وأثناء إقامة الصلاة قام المصلون بقطع الشارع أمام الجامع حتى يتمكنوا من أداء الصلاة، وأثناء الصلاة وصلت قوات الشرطة بأعداد كبيرة وطوقت المصلين، وبعد ما انتهت الصلاة قلت بكل تأكيد نصف المصلين سيقبض عليهم، وكلفنى الجميع بالحديث مع قائد الشرطة، وفى الحقيقة ماكنتش عارف أقوله إيه، إحنا فعلا قمنا بخطأ قانونى وذهبت إليه وسألته عن سبب تلك الإجراءات؟ فأجاب أنهم يعلمون أن المسلمين يسجدون فى صلاتهم وبالتالى لن ينتبهوا إلى السيارات التى يمكن أن تكون قادمة تجاههم مسرعة وقد تدهسهم وهم ساجدون.. وعليه فقد حضروا كى يحيطوا بالمصلين حفاظا عليهم، قلت له طيب وبالنسبة - لموضوع أننا أغلقنا الشارع؟ قال هذا خطأ الدولة التى لم تضع فى اعتبارها ذلك ولم توفر لكم مكانا يتسع لهذا العدد، وأكد لى الضابط فى النهاية أن ما يشغله الآن أنه لا يوجد مسؤول فى فرنسا يستطيع تحمل مسؤولية أن يقال إن فرنسا مات فيها شخص وهو يصلى..

ما علينا خلينا فى حالنا

الحقيقة لابد من احترام السبب الذى أوصل المسيحيين إلى أن يتخذوا قرارا بتنظيم مسيرة مؤلفة من شباب وشيوخ وأطفال ونساء كى يوصلوا ما يريدون لأولى الأمر، وقد سمعنا أنهم أخبروا السلطات بهذه المسيرة، وكان شكلهم بالشموع جميلا، فى كل الأحوال أقباط مصر معروف عنهم هدوء الطباع والبساطة. لكن لازم نتوقع أنه فى دولة تم إسقاط نظامها الحاكم منذ وقت قريب بمعظم رموزه وتم القضاء على مصالح اقتصادية كبيرة لأركان هذا النظام ووضع المسؤولين عن الفساد فى السجون، هنا لابد أن نتوقع أن من أضيروا من ذلك سيحاولون الانتقام، وهذا أمر منطقى، وخير وسيلة كى تهدم مجتمع أن تثير الفتنة بين أبنائه، أضف إلى ذلك شوية العواجيز اللى عاملينهم محافظين وسفراء ووزراء واللى ما شاء الله راكبين سلحفاة وبيحلوا بيها المشاكل.

ومن الواضح أيضاً أن أمراض الثلاثين سنة اللى فاتت، ويمكن أكثر، كلها وقعت على دماغ المجلس العسكرى اليومين اللى تولى فيهم الحكم وكل واحد قرر أنه باسم الحرية هيتظاهر أو يضرب حتى تلبى طلباته اللى ساكت عليها من زمان، وهنا لازم شيخ الأزهر والبابا يطلعوا فتوى يقولوا فيها إن الإضراب فى الميت حرام، حالنا وقف.

إلا إذا كان هناك ناس عايزة تقوى الكلام ده لغرض إحداث فوضى، وأنا هنا لا أقول إن المشكلة الأخيرة التى حدثت فى أسوان كانت من تدبير رموز الحزب اللى كان حاكم أو أن المسيرة اللى قام بها المسيحيون كانت من أموال رجال أعمال من اللى كانوا فى لجنة السياسات - إطلاقا. أنا بأتكلم عن أول ضربة، نعم دائماً فى وجود جماهير أمام قوات أمن، وهناك من يريد تصعيد الموقف فقط عليه أن يقوم بأول ضربة لأى من الطرفين، وبعد ذلك تسلسل الأحداث سيأتى تلقائيا، لابد أن يسقط ضحايا وتحدث اشتباكات تزيد من الخسائر، وينتهى الأمر إلى حرب ميدانية لا يعرف فيها من يستطيع السيطرة على الآخر، وعشان تثبت اللى حصل طبعا هيكون صعب جداً لأنهم هيقولولك الشرائط اتمسحت وكلام من بتاع عمر سليمان اللى لازم تتعامل معاه من غير ما تفهمه.

لكن لابد ووجب علينا سؤال الدول المتقدمة عن كيف يتعامل الأمن هناك مع أبناء الوطن المتظاهرين؟ وأكيد هناك نظريات أمنية يمكن أن تدرس فى مثل تلك الدول يكون هدفها الأول الحفاظ على أرواح وأجساد المتظاهرين، وأيضا عدم السماح لهم بالتجاوز على سيادة الدولة وتهديد المنشآت الحيوية، لأنه واضح فى الشهور اللى فاتت أن هذه المهارات غير موجودة لدى أفراد الأمن المصرى وقياداته والنظرية الوحيدة الموجودة هى نظرية الضرب فى الزحمة على ما تفرج.

لكن المشكلة الكبرى فى مشهد السيارات أو المركبات التى تتبع الجيش اللى شكلها عجيب جداً واللى كان يقودها بعض أفراد من المجندين فى القوات المسلحة، أو كان يركبها آخرون، هنا جميعنا شاهد جريمة قتل عمد متوفرة الأركان، فقد قام قائد هذه المركبة بقيادتها بشكل هيستيرى وهو يعلم تمام العلم أن أمامه عددا كبيرا من الناس وأن النتيجة الطبيعية لفعله أن السيارة ستصدم بعضهم وأن هذا الاصطدام سيكون مميتا وقاتلا بلا أدنى شك. وهنا سنعود لنفس القاعدة القانونية بتاعت محاكمة ريتشارد - قصدى مبارك - من الفاعل المنفذ للجريمة؟ بالتأكيد قائد السيارة. ومن الشريك الذى مكنه من حيازة وقيادة هذه المركبة القاتلة؟ ومن المحرض الذى أعطى له الأوامر بالقيادة وسط المواطنين بهذا الشكل؟ وقاعدة المسؤول الذى علم ولم يمنع. مع إعطاء الحق لكل قائد سيارة فى أن يشرح الظروف التى أدت إلى أن يقوم بذلك.

وبينى وبينكم أى واحد هيجاوب على الأسئلة دى بضمير لازم يكون عنده استعداد لمواضيع كبيرة أوى عشان الإجابة على الأسئلة دى هتوصل لحد الأدوار العليا ويمكن ساعتها الأسانسير يعطل ومايعرفش ينزل.

ولكى يكون الشرح متناولا كل النواحى لا يستطيع شخص أن ينكر أن بعض من كانوا فى المظاهرة أو والله أعلم حد انضم إليهم أو والله أعلم حد كان مخطط ينضم إليهم عشان يحسب عليهم، محدش عارف، لكن فعلا بعض من كل دول هاجم الجيش وبطريقة وحشية ولازم دول كمان ومن حرضهم يتحاكموا فورا وممكن يكون - أنا بقول ممكن - بعض من هؤلاء كان يحمل سلاحا وأصاب أفرادا من الجيش وأيضا أفرادا من المتظاهرين، لكن أيضاً البيه اللى طلع وهو ماشى فى الشارع يقول هيضرب المحافظ بالجزمة وبيهدد المشير وبيحرض فى الناس دى كمان جريمة مكتملة الأركان رأيناها أمام أعيننا، ولا يعتقد أنه لكونه رجل دين فإن ذلك سيكون سببا لعدم عقابه أبدا، أنا متأكد أنه سيعاقب جنائيا وأيضا ستعاقبه الكنيسة التى لن ترضى أن ينتمى إليها شخصيات تقوم بهذه الأفعال.. على العموم سننتظر التحقيق.
وعشان كل ده فيه نوعين من الناس بس هما اللى هيتكلموا: أهالى الشهداء والقضاة. والباقى يشوف شغله وينتظر نتيجة التحقيق

لأن النوع الأول أصبح عنده قضية لا مفر من أن يضيع عمره عشانها وهى القصاص لأبنائهم، والنوع الثانى تعهد بأنه هو كمان يضيع عمره عشان أى قضية إحقاقا للحق.
والكلام هنا لازم يكون بجد، لذلك أنا أدعو اللجنة القضائية المشكّلة لتقصى الحقائق إلى الاستعانة بكل أجهزة الدولة للتحقيق والتحرى وكشف الحقائق وتقديم الجناة أياما كانوا إلى المحاكمة الجنائية وعلى وجه السرعة، مع إحاطة ذويهم والرأى العام بتطورات التحقيق وفقا لما يرونه.

وأنا شايف أن مركز الإحصاء لازم يعمل جدول للشهداء وتصنيفهم لأن كده هنتلخبط كان عندنا شهداء ٢٨ يناير وبعدين شهداء ٢ فبراير ودلوقتى شهداء ٩ أكتوبر، يعنى على آخر السنة كل واحد فينا يعمل حسابه إن واحد من ولاده هيروح الجنة شهيد، والتانى هيقضى باقى عمره فى المحكمة يجيب حقه عشان هيقولوله هناك إن الشرائط اتمسحت.
ولنا حديث آخر الأسبوع المقبل إن كان فى العمر بقية..








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة