لا أعرف بالضبط، ما هى المعايير التى يتخذها حزب الوفد فى وضع عناصر من الحزب الوطنى المنحل على قوائمه فى انتخابات مجلس الشعب، وبعض هذه العناصر من النواب السابقين الذين لا يعرف عنهم أنهم سجلوا مرة واحدة فى تاريخهم رؤية معارضة لسياسات الحزب الوطنى طوال الثلاثين عاما الماضية، ويزيد على ذلك أنهم كانوا ذراع احمد عز الغليظة فى إفساد الحياة السياسية، وفى القلب منها تزوير الانتخابات ضد الأطياف الرئيسية فى المعارضة ومنها حزب الوفد الذى اكتوى مرشحوه بنار التزوير.
ومع التقدير لدور الحزب فى مسيرة ثورة 25 يناير، إلا أنه لا يجوز إغفال مشاعر الناخب، حين يجد أمامه قائمة انتخابية للحزب تشمل على أسماء يعلم أنها كانت من أساطين الحزب الوطنى فى دوائرهم، وكانت تسبح بحمد الحزب الوطنى وقياداته فى الانتخابات الماضية، وتقوم بتقفيل الصناديق وتمنع الناخبين من حرية الإدلاء بأصواتهم، وأدى كل ذلك إلى توسيع مجرى الدم فى الشرايين المؤدية إلى الثورة، فكيف يكسب هؤلاء احترام الناخب ؟.
السؤال يقودنا إلى مثل تطبيقى عن دائرة شمال القليوبية، والتى تقدم الحزب بمرشحى قائمتها إلى اللجنة المشرفة على الانتخابات، وهى خليط يجمع أسماء وفدية، ومرشحا فاز فى الانتخابات الماضية مستقلا، ثم انضم بعد فوزه إلى الحزب الوطنى، ولم يخض الانتخابات مستقلا منذ البداية، وإنما خاضها بعد فشله فى المجمع الانتخابى للحزب الوطنى، أضف إلى ذلك أنه كان يتقدم فى كل دورة انتخابية منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضى إلى الحزب الوطنى أملا فى ترشيحه باسم الحزب، ومع اختيار غيره كان يخوض الانتخابات مستقلا، وإذا كان الرجل نزيها فى شخصه، كما أن له الحق فى اختيار انتمائه السياسى طوال السنوات الماضية، فهل يمكن إقناع الناخب بمنطق تحوله، وهو وغيره من «الوطنى المنحل» إلى الوفد؟
المخاطر ستمتد فى حال صدور قانون العزل السياسى، وهو ما يعنى مطاردة كل القوائم الحزبية التى رشحت عناصر «الوطنى» عليها، وسيكون حزب الوفد أحد المطاردين، وفى حال اضطراره للدفاع عن هذه العناصر، سيبدو شعبيا أنه ضد مسيرة الثورة، مما يضعه فى خانة واحدة مع أحزاب «الفلول»، وهذا ثمن لا يستحق الوفد مع كل ليبراليته أن يدفعه حتى لو كسب كل مقاعد البرلمان.