يوماً ما كنت قوياً واستطعت أن تعبر بحار الفشل الذى أصابك فى واحدة من لحظات الانكسار التى تعترى كل منا بين الحين والآخر، لتصل بهمة عالية إلى شاطئ الانتصار، وفى يوم آخر استطعت أن تحول من السهام التى أطلقها بعض كارهيك إلى صدرك إلى مضادٍ حيوى واسع المفعول للقضاء على الألم والتقدم للأمام.
أنا على يقين تام بأننا جميعاً نملك الكثير مما يمكن أن نرويه عن جبال شاهقة من الصعاب والمشكلات والمحن التى واجهت كل منا، والتى تمكننا بعون الله، وبما نملكه فى صدورنا من رغبة فى الحياة وأمل فى غد أفضل، من أن نعبرها إلى برّ الأمان.
طويلة للغاية هى أعمار الأوطان، ولهذا فهى لا تأبه كثيرا بمحبيها وكارهيها، فهم جميعا سواء ليسوا سوى صفحة أو ربما بعض أسطر قليلة فى عمرها الذى يضرب فى جذوره أعماق التاريخ السحيقة.
انظر عزيزى القارئ إلى التراب الذى تسير عليه من هنا مرّ يوما ما المغول والتتار والهكسوس والفاتحون الأوائل، ولسنوات طويلة، اغتصب هذه الأرض الطاهرة الفرنسيون والإنجليز والإسرائيليون.. أين هم الآن؟!
رحلوا جميعا ولم يبق منهم سوى أسطر محدودة منزوية بين كتب التاريخ التى يعزف الكثيرون عن الاقتراب منها.. على مدار عمرها المديد، عرفت مصر مجموعة كبيرة من الحكام المستبدين الذين حاول كل منهم أن يجعل من هذا الشعب بعضا من سقط متاعه، جرت عليهم جميعا حكمة القدر وتحولوا جميعا إلى أسماء وأرقام مدونة فى قائمة المسجلين سرقة أواطن.
رحل الجميع بما لهم وبما عليهم وبقيت مصر لتشهد للجميع بما قدموا من عمل صالح، وبما جنت أيديهم من ذنوب ومعاصى.. اقرأ وتأمل فى تاريخ البلدان لن تجد دولة فى العالم خاضت كل هذا الكم الكبير من الحروب دون أن تركع لعدوها سوى مصر.
دعك من هذا كله، ضع أمام عينيك دولة تعرضت فى تاريخها لكل هذا النهب المنظم، ثم لم تأكل المجاعة الأخضر واليابس فيها، أظن أنك لن تجد إجابة سوى مصر.
بالله عليك، هل هناك بلد يزاحم فيه الأحياء الأموات سوى مصر؟ وهل هناك شعب تنساب الضحكة صافية على شفاه أبنائه سوى فى مصر؟ وبعيدا عن هذا كله خبرنى بالله عليك ببلد ورد ذكره فى القرآن الكريم مقرونا بالأمن والأمان سوى مصر.
أظن أننا جميعا فى أمس الحاجة لأن ندرك من نكون وعلى أى أرض نعيش حتى ندرك أن كل ما يجرى ليس سوى لحظة عابرة فى عمر مصر، ذلك المارد الذى سيستيقظ يوما ما سواء بنا أو بغيرنا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة