هل يعقل أن يمر ما حكاه الدكتور أحمد عاطف مرور الكرام؟ وهل يعقل أن يغمض لنا جفن دون أن نعرف حقيقة ما رواه عن لغز اختفائه أو اختطافه؟ ولمن لا يعرف القصة ومن لا يعرف الدكتور أحمد عاطف نشير إلى أنه طبيب شاب ومنسق إضراب الأطباء، والذى اختفى يوم الثلاثاء قبل الماضى، وأكد زملاؤه أنه تم اختطافه بسبب نشاطه المعارض، ونظموا عددا من الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بالكشف عن مصير زميلهم، كما تقدموا ببلاغات للنائب العام ووزارة الداخلية والمجلس العسكرى، وعرض عدد من برامج التوك شو قضية الدكتور أحمد ومظاهرات زملائه ولقاءات مع أسرته وخاصة والدته، التى كانت فى حالة انهيار تام.
ويوم الأحد الماضى ظهر أحمد فى برنامج 90 دقيقة على قناة المحور ليحكى تفاصيل هذا الاختفاء، الذى - إن صحت - فإنها تعنى أن الثورة لم تستطع القضاء على النظام السابق، وأننا لا زلنا نعيش عهد زوار الفجر، فالطبيب الشاب أشار إلى أنه نزل من مستشفى النيل التى يعمل بها، ليشترى عشاء له ولزملائه - وفى رواية أخرى لبرنامج العاشرة مساء على قناة دريم أشار إلى أنه كان فى طريقه إلى المغسلة حاملا بعض ملابسه للتنظيف - وأنه فوجئ بشخص يستنجد به كى يكشف على ابنته المصابة والموجودة فى سيارة ميكروباص على بعد أمتار قليلة، وبمجرد أن دخل الطبيب الشاب السيارة – طبقا لروايته - إذا بعدد من البلطجية يرفعون عليه السلاح، وأخبره أحدهم أنهم سيأخذونه للتحقيق معه، وعليه ألا يقاومهم حتى لا يستخدموا العنف معه، ثم وضعوا لاصقا على فمه وغطاءً على وجهه، واصطحبوه معهم إلى جهة غير معلومة بعد أن غيروا السيارة وساروا لمسافة طويلة تقارب الأربع ساعات، ثم اصطحبوه إلى غرفة بأحد المبانى، حيث هدده أحد الأشخاص بما تحفظ الطبيب عن ذكره حتى يجيب على كل ما يطرح عليه من أسئلة دون أن يسأل، فسألته المذيعة: "وهل هذا التهديد يخص شقيقاتك البنات؟.. فأجاب أحمد عاطف: "حاجة زى كدة!"، ليكمل مؤكدا أن هذا الشخص الذى كان يتعامل معه خلال الأيام الستة التى قضاها فى هذا المكان المجهول اصطحبه إلى غرفة أخرى بعد أن وضع على وجهه الغطاء، ليقوم شخص آخر بسؤاله عن إضراب الأطباء وعن انتخابات نقابة الأطباء، متعجبا من سؤاله عن أحداث ماسبيرو، التى لا علاقة له بها، ولم يكن موجودا فى موقع هذه الأحداث، ولكنه عرف فيما بعد أن أحد الصحفيين أجرى مداخلة مع برنامج "بلدنا بالمصرى" على قناة "أون تى فى"، يؤكد فيها أن لديه سى دى يثبت أن شخصا يدعى أحمد عاطف وآخرون يتلقون دعما وتمويلا من الخارج لإثارة الفوضى فى مصر، وأنه متورط فى أحداث ماسبيرو، ثم عاد هذا الصحفى - على حسب رواية الطبيب – ليؤكد أنه كان يقصد شخصا آخر غير الدكتور أحمد.
ويكمل أحمد مشيرا إلى أنه استيقظ من نومه فى اليوم السادس لاختفائه وهو يوم الأحد الماضى، ليجد نفسه فى صحراء المقطم وإلى جواره حقيبته، وبها كل متعلقاته، وأضاف خلال البرنامج أنه يشك فى أنه تم تخديره لنقله إلى هذا المكان دون أن يشعر.
ما حكاه أحمد عاطف يجب أن يفزعنا جميعا، ولا يجب السكوت عليه حتى نعرف الحقيقة، فهل لازال زوار الفجر يمارسون انتهاكاتهم؟ وهل قامت الثورة على نظام مبارك وقهر أجهزته وزبانيته حتى يعود هذا القهر على يد سلطة قائمة أو سلطة موازية تمارس بطشها فى الخفاء؟ وهل ما رواه الطبيب الشاب حدث على يد وزارة الداخلية؟ أو بعلم المجلس العسكرى؟ وهل لازال جهاز أمن الدولة يعمل بنفس الأسلوب، حتى وإن تغير اسمه للأمن الوطنى وإن كان المجلس العسكرى ليس له صلة؟ وهل علم بما حدث للطبيب الشاب؟.. هل يعنى هذا أن هناك حكومة أو سلطة موازية تدير مصر من خلف ستار؟ أم أن ما رواه أحمد عاطف ليس حقيقيا، ولم يحدث من الأساس، وأنه مجرد رغبة للشهرة والنجومية وجذب الأضواء؟ وحتى إن افترضنا أن أحمد عاطف متهم بأى تهمة أيا كانت خطورتها فلماذا لم يتم استدعاؤه واستجوابه بشكل قانونى؟ وماذا لو أن الجهة المجهولة التى استجوبته لم تقتنع ببراءته من هذه التهم؟ هل كانت ستحتجزه إلى الأبد؟ أم أنها كانت ستتخلص منه إلى الأبد؟
كل هذه التساؤلات لا يجب أن يغمض لنا جفن حتى نجد إجابات عليها، وإلا ضاع كل ما قامت ثورتنا من أجله، وإن كان المجلس العسكرى يلتزم الصمت حيال بعض القضايا إلا أن هذه القضية أخطر من أن تمر دون أن يعلن براءته منها أو اعترافه بها، وأن يعلن عن الجهة والأشخاص الذين ارتكبوها، أو أن يعطينا تفسيرا مقنعا لما حدث وما سمعناه، وإن لم يفعل فسيهدم ما تبقى من ثقة بيننا وبينه، ويوجه بهذا الصمت صفعة على وجه الثورة التى ولدت ولن تموت ولن تقبل أن يصفعها أحد أيا كان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال على مندور
ياحلاوة
دا مبارك كان ارحم على كدا !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
م/احمد
المشهد
عدد الردود 0
بواسطة:
yasser
نعرف الأول
عدد الردود 0
بواسطة:
فاروق صديق
هناك تضارب مريب فى أقوال المنسق , اقواله غير منسقه .
بس كده