فى الوقت الذى كنا ننتظر فيه من عضوى المجلس العسكرى اللواء محمد العصار واللواء محمود حجازى بعض الأمل، أُصبنا جميعا بالكثير من الإحباط، فلم تمر ساعات حتى انقلب الفرح الإعلامى الذى نصبه المجلس لحديثه إلى مأتم بمنع الإعلامى القدير يسرى فودة من تقديم برنامجه، لكن ما لفت نظرى فى حديث اللواءين ويستحق أن نناقشه منفردا هو أنهما صبا غضبهما وحنقهما على المظاهرات الفئوية باعتبارها حقنة البنج التى شلت أطراف المجلس العسكرى ونغزت قلب الاقتصاد المصرى وخرمت عجلة الإنتاج وحملاها كل ما حدث فى أعقاب الثورة من تخبط وتراجع وتناحر.
وبرغم أنى أعتبر موضوع «العجلة» هذا موضوع فشنك مثله مثل القلة المندسة والأيادى الخارجية والأجندات الأجنبية والعنقاء والغول وأبو رجل مسلوخة، وبرغم أن هذا الطرح ليس بجديد، لكن تأكيد العصار وحجازى عليه الآن وبعد تسعة أشهر من المظاهرات يدعو إلى مناقشة كلامهما بشكل مستقل، وكنت أرجو أن يخرج كلامهما وهما المعروفان بذكائهما وحنكتهما عن ترديد المبررات دون شفافية فى الطرح، فمثلا لم يقل لنا أحد اللواءين ما الذى كان ينتجه الاقتصاد المصرى قبل الثورة وما الذى ينتجه الآن لنعرف حجم الخسائر الواقعة، وكذلك لم نعرف لماذا لم يتعامل المجلس بشكل إيجابى مع هذه المشكلة التى دخلت فى شهرها التاسع دون حل، ما يطرح العديد والعديد من الأسئلة التى سرعان ما قد تنقلب إلى ألغاز إذا ما عرفنا بعض الحقائق.
نعم هناك تعطيل للإنتاج، لكن لكى نصدق المجلس يجب أن نعرف كم تبلغ نسبة هذا التعطيل، وما هى مجمل خسائره، وفى الحقيقة، إذا نظرنا إلى مطالب هذه المظاهرات سنجد أن معظمها مطالب عادلة، وأسبابها معروفة، فبعض الموظفين المؤقتين يريدون أن تثبتهم الحكومة، والبعض الآخر يريد علاوات، وكثير منهم يريد الإطاحة برؤساء الشركات ومجالس إداراتها لارتباطهم بالنظام المنحل، وإذا نظرنا لأغلب هذه المطالب فسنجدها محقة تماما إن كان هناك بعض الإيمان بالثورة، فلا معنى لأن يجلس على رأس شركة أو مصلحة أو هيئة من كان يسخر مواردها وأموالها وطاقاتها البشرية والمادية للحزب المنحل الذى أقرت المحكمة أنه أفسد الحياة المصرية برمتها، أما فى طلب التثبيت أو العلاوات فهو «أقل واجب» لعمال وموظفين يعيشون تحت خط الفقر منذ سنوات ويريدون أن يستفيدوا من الثورة وعدالتها الاجتماعية التى هى أبسط مطالبها، لكن الغريب أن يعترف عضوا المجلس العسكرى بمشروعية المطالب مردفين اعترافهما بالكلمة البغضية التى كان مبارك يرددها دائما «هجيبلكو منين؟» كما لو كان الشعب عالة على المجلس أو أنهم يطالبون بما ليس حقهم.
يعرف المجلس تماما «يجيبلنا منين» لكنه «مطنش» والحل الذى لا يريد تطبيقه هو تطبيق الحد الأقصى للأجور وهو 25 ألف جنيه، ليكون 36 ضعف الحد الأدنى للأجور وهو ما أعلن عنه سابقا الدكتور حازم الببلاوى وزير المالية، فلا يعقل أن يتقاضى واحد بضعة مئات من الجنيهات بينما يتقاضى آخر بضعة مئات أيضا لكن من آلاف الجنيهات، كما أن أوجه الإنفاق الحكومى كثيرا ما تهدر عشرات الملايين فى أغراض لا تصب فى مصلحة العمل ولكن تصب فى مصلحة الأشخاص، كرئيس الهيئة الذى يعين سبعين مستشارا إعلاميا لتجميل صورته وعشرات المستشارين القانونيين «ليظبطوه» قانونيا ويدعمونه أمام المحاكم، وهو ما يجب أن ينتهى بأسرع وقت تفاديا للعجز فى الموازنات واشتعال المظاهرات، وتدعيما للاستقرار، هذا إن كان هناك من يتقى الله فى مصر وأبنائها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
فجر الإسلام
الله أكبر... الله أكبر ..ولله الحمد.... المستقبل لهذا الدين الحق.