لا يمكن لحصانة أن تحمى أحدا فى مجتمع يسعى أفراده لتحصيل حقوقهم بالذراع. ولا عدالة دون تكافؤ فرص، وأن يكون المواطنون أمام القانون سواء، لا فرق بين وزير وخفير، أو بين غنى وفقير، ورأينا كيف كان الضعفاء يفقدون حقوقهم فى مواجهة أصحاب النفوذ، والقانون لمن يدفع ومن يملك، وأخطر مافعله النظام السابق كان احتكار المال والسياسة والنفوذ.
الحصانة وسيلة لتسهيل عمل القاضى والمحامى وليست للاستعراض والاستقواء وانتزاع النفوذ.
ولعل مشهد استعراض القوة من مشجعى الشيخ حجازى الشهير بأبى إسحاق الحوينى أمام محكمة كفر الشيخ فى الدعوى المرفوعة من الشيخ على جمعة أبرز مثال على أن الحصانة وحدها لا تكفى لتطبيق القانون على الجميع، وألا يظن شخص مهما كانت قيمته، أنه فوق القانون، وهذا الاستعراض «الألتراسى»، لا يختلف كثيرا عن مشاهد انفلات أخرى لمن يريدون قانونا على مقاسهم، وعدالة على مزاجهم، فى الأقسام والمحاكم، وقد كانوا بالإضافة لإضراب المحامين سببا فى تعطيل العدالة.
ولا يمكن تفهم السبب الذى دفع الآلاف من مؤيدى الشيخ للتجمهر تاييدأ له فى قضية منظورة أمام القضاء، الشيخ على جمعة رفع دعوى بعد أن أدلى الشيخ حجازى بحديث وصف فيه جمعة بأوصاف رآها المفتى تتجاوز الخلاف والمناقشة إلى السب، وللقضاء أن يحكم فى الدعوى بالإثبات أو النفى، والقضية مكانها المحكمة، والقانون، وليس الشارع.
بعض مشجعى الشيخ أكدوا أنهم خرجوا لمؤازرة شيخهم مثلما يخرج أخ أو ابن مع شقيقه أو ابنه، وأن الشيخ بالنسبة إلى هؤلاء أب أو أخ أكبر، وأنه لم يطلب من أحد مناصرته، لكن ما جرى لم يكن للمؤازرة بقدر ما كان للاستعراض، وحتى لو لم يطلب منهم الشيخ أن يفعلوا ذلك، فإن استعراض مشجعيه يسىء إليه، وإلى تيار يمثله.
الحقيقة أن الخلاف بين الحوينى وجمعة خلاف فى الرأى، تجاوز الحوار إلى الإساءة، ويرجع إلى شهور حشد فيها مؤيدو الحوينى لجمعة الكثير من التسجيلات والآراء التى يختلفون معها، وأعلنوا جمع مليار توقيع لإقالة جمعة من منصب المفتى، ولم تخل هذه الحملات من تجاوز وتجريح، يتجاوز الخلاف فى الرأى، إلى الرغبة فى النفى والاجتثاث.
ربما كان على الشيخ على جمعة أن يراجع نفسه قبل اللجوء للقضاء، وأن تكون هناك مساع للتقريب بما هو أحسن، لكن أما وقد وصل الخلاف للمحكمة، فالقانون هو الفاصل، وليس الألتراس.. فهو خلاف بين بشر وليس بين ملائكة.
هذا حوار لا يليق بالمسلمين ولا بالمواطنين، وإنما جدل عقيم لا يهم المواطنين ولا مستقبلهم، ويضيع وقتهم، ويشير إلى رغبة البعض فى انتزاع سلطة تجعلهم فوق القانون، وهو أول سقوط فى امتحان القانون والديمقراطية.. العدالة ليست وجهة نظر لكنها احترام للقانون.. لكن الألتراس يفسدون للعدل كل قضية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الصغير
دولة القانون
عدد الردود 0
بواسطة:
سالم المصري
موتو بغيظكم
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصري
السلفيين لن يرضوا بحكم القانون
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر حبيب
بنفس المنطق
عدد الردود 0
بواسطة:
مسلم
السلفيون يقفون وقفة سلمية لماذا الهجوم عليهم
عدد الردود 0
بواسطة:
العنود من السعودية
الخروج للمؤازرة..