ما معنى أن يحتشد ما بين 35 إلى 50 ألف سلفى من مختلف أنحاء مصر أمام محكمة بندر كفر الشيخ لمؤازرة الداعية السلفى حجازى محمد يوسف شريف الحوينى، نسبة إلى قريته حوين بكفر الشيخ فى دعوى السب والقذف التى أقامها ضده الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية؟
ما كل هذا الحشد فى قضية منظورة أمام المحكمة ومن المفترض أن يحسمها القضاء ويعطى كل ذى حق حقه فى قضية رأى فضيلة المفتى أن من أبسط حقوقه الإنسانية اللجوء إلى القضاء بعدما استشعر أن انتقادات الحوينى له فى الفضائيات والمحاضرات تجاوزت حدود المتعارف عليه فى آداب الحوار والنقد الموضوعى وليس الشخصى.
المشهد السلفى أمام المحكمة كان غريبا والشيخ الحوينى بما له من سمعة وصيت ليس بحاجة إلى كل هؤلاء الأنصار والمؤيدين لقياس مدى شهرته ومعرفة الناس به. فاختبار القوة والاستعراض لم يكن له مبرر فى نزاع أو خلاف منظور فى ساحة القضاء بين قامتين من المفترض أنهما من كبار علماء الإسلام ولهما إسهامهما لخدمة ونصرة الدين الإسلامى. والقضاء وحده هو الحكم فى القضية وليست الحشود السلفية وهذا ما نتمنى أن يفهمه ويدركه أنصار الشيخ الحوينى. فمؤسسة القضاء لها قدسيتها وهيبتها ولا يجب التأثير على عدالتها فى أية قضية أياً كان المتهم فيها.
التيار السلفى عليه أن يدرك أنه فى مرحلة يجب أن يستوعب ويدرك ضروراتها ومتطلباتها، مرحلة تتأسس فيها دولة الدستور والقانون، وحرية الرأى والتعبير بالوسائل والقنوات الشرعية وليس بثقافة الحشد ومنصات المؤازرة أمام المحاكم ورفع شعارات من نوعية «كلنا فداك يا أبو إسحاق» وبالروح والدم نفديك يا أبو إسحاق». وليس من المقبول إهانة رمز إسلامى مثل فضيلة المفتى لمجرد أنه استخدم حقه القانونى فى مقاضاة الشيخ أبو إسحاق، فالكل سواسية أمام القانون، وليس هناك من هو فوق القانون طالما استدعى الأمر ذلك.
السلفيون وغيرهم عليهم أن يدركوا أن الدولة التى ننشدها بعد ثورة يناير هى دولة تعتمد فى بنائها الرئيسى على القانون وحرية الرأى والتعبير والحريات العامة وليست دولة الإرهاب بالحشد واستعراض القوة وكثرة العدد من الأنصار والتابعين.
فطالما ارتضى السلفيون فى مصر العمل وفقا لقواعد اللعبة السياسية وسارعوا إلى تشكيل الأحزاب فعليهم أن يتعاملوا بما تقتضيه القواعد.