أعادت الانتخابات الجارية فى البلاد كل الأحزاب السياسية التقليدية إلى واجهة المشهد السياسى مجددا، وفرضت ستارا إجباريا حال بين وجود الشباب فى الصدارة كما كان منذ أشهر، فعاد إلى الصفوف الخلفية بل وتراجعت مكانته فى دائرة القرار الاستراتيجى.
وربما يرجع ذلك إلى توافر خبرة النشاط الانتخابى لدى القوى السياسية التقليدية فى المجتمع عنها لدى القوى الشبابية الصاعدة، التى تمكنت من قيادة عملية التغير فى الخامس والعشرين من يناير الماضى، ونجحت فى اجتذاب الناس بعد ذلك بثلاثة أيام إلى صفوفها، غير أنها لم تتمكن من مواصلة المسيرة لأسباب متنوعة عدة، فأتاحت المجال واسعا لعودة سيطرة وهيمنة القوى التقليدية مجددا.
المؤكد أنه من بين أسباب ما جرى عدم امتلاك القوى الصاعدة حتى الآن لأدوات السيطرة والتوجيه القادرة على فرض مسار محدد متواصل ومتراكم يتيح إمكانات مختلفة لتحقيق تغيير حلمت به هذه القوى، ويجعل منها القائد الفعلى للواقع الحى الذى نعيشه فى هذه المرحلة، قدر ما امتلكت أدوات ووسائل إعلامية تمكنت بها من فرض النفوذ السياسى وهى الأدوات التى لا تتلاءم ومتطلبات المنافسات والمعارك الانتخابية.
لا يمكن القول دوما بوجود سبب واحد أو جملة أسباب ثابتة وراء تباطؤ عملية التغيير أو تراجعه للخلف أحيانا، والقصد هنا أن ما يسمى بـ " الفلول" ليسوا هم دوما المسئولين عن الأزمات، أو أن مؤامرات قادة الحزب الوطنى "المنحل" هم المخططون لكل الأزمات، وإنما هناك أسباب ذاتية يمثل تجاهلها عنصر خطورة على الحالة القائمة، ويمنع أية إمكانات للتعامل معها وفقا لرؤية صحيحة.
ومن أبرز هذه الأسباب عدم تناسب طموح القوى الجديدة مع قدراتها المجتمعية، خصوصا ما يتعلق بالانتشار الأفقى والرأسى القادر على حصد نتائج السياسات التى يدعو لها الشباب، والتى تصطدم بمعوقات عديدة أقلها تأثيرا نفوذ الثقافة التقليدية فى المجتمع.
لذا فإن من الأخطاء الفادحة فى تقديرى قصر حديث الفلول ونفوذهم وتأثيرهم على أنصار الحزب الوطنى، فالواقع يؤكد أنه وفقا لأحلام الشباب فى التغيير وتقييمهم لما حدث فى 25 يناير، فإن الفلول هم كل القوى المنتمية لما قبل 12 فبراير الماضى، سواء أعلن بعضهم انضمامه للشباب أو أعلن رفضه لهم، فالمؤكد أن ثقافة جيل 25 يناير مازالت متصادمة مع ما سبقهم من أجيال، ومازالت آفاق أحلامهم أكثر رحابة من سابقيهم، وقدرتهم على التغيير المنشود من وجهة نظرهم أقل من إمكاناتهم.
فى عام 1952 لم يعد الجيش إلى ثكناته بعد إبعاد الملك فاروق.. لكن شباب 2011 عادوا إلى منازلهم بعد إسقاط مبارك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة