كان بالفعل أمس الأول عيدًا للديمقراطية الحقيقية فى نقابة الصحفيين المصرية. مرت الانتخابات فى هدوء، وفى جو سادته روح الود والمحبة بين أبناء المهنة فى مشهد رائع كان الجميع خلاله على قدر المسؤولية الوطنية كأصحاب مهنة جليلة يحمل لها المجتمع الكثير من التقدير والاحترام، ويحفظ لها دورها ومساهمتها الحقيقية والفعالة فى إحداث التغيير نحو مستقبل أفضل تصان فيه الحقوق والحريات.
جرت الانتخابات بشفافية ونزاهة، والكل كان حريصا على إنجاح العملية الانتخابية وإتمام المشهد الديمقراطى والعبور بالنقابة إلى بر السلامة، واحتكم جميع المتنافسين إلى ديمقراطية الصندوق التى أفرزت وجوها جديدة تنضم إلى مجلس النقابة للمرة الأولى.
ربما تكون نتائج الفرز قد جاءت على عكس ما توقع البعض، وخاصة لبعض الأسماء المرشحة ومحاولة إسباغ الانتماءات والتوجهات السياسية والفكرية على النتيجة المتوقعة، وربط التصويت بكتل أو جماعات معينة، لكن النتائج جاءت لتؤكد، كما فى كل مرة، أن نقابة الصحفيين لا تخضع للمذاهب أو التيارات السياسية، وهذا هو ما يميزها عن باقى النقابات المهنية، ويثبت أعضاؤها أنها نقابة للصحفيين دون تمييز، وهذا هو سر تماسكها ووحدتها وقوتها أيضا فى مواجهة الكثير من الأزمات التى مرت بها طوال تاريخها.
وربما من المرات القليلة والنادرة فى تاريخ انتخابات النقابة أن يتنافس على مقعد النقيب مرشحون من خارج عباءة الحكومة، ولأول مرة لا يمثل الحكومة والنظام نقيب كان تسخر له كل موارد الدولة فى مواجهة مرشح تيار الاستقلال الوطنى، ولذلك جاءت فروق الأصوات قليلة. وهذا جميل مرده إلى ثورة يناير التى تستحق أن نرد لها الجميل، ونعمل من أجل أن تظل نقابة الصحفيين رمزا للاستقلال وفوق الحزبية والمذاهب السياسية، وتظل نقابة للجميع وملاذا للحريات وحصنا منيعا للدفاع عن قضايا وهموم المجتمع وحلمه فى الحرية والعدالة.
وهنا لابد أن أوجه التهنئة الخالصة لنقيب الصحفيين الجديد الزميل الخلوق ممدوح الولى الذى لم أمنحه صوتى فى الانتخابات، ولكنى منحته تقديرى واحترامى بعدها وصافحته وهنأته على الفوز فى معركة شريفة ونزيهة.
وأهنئ الصديق يحيى قلاش الذى خاض منافسة شرسة على منصب النقيب ورفض أن يشوّه يوم عيد الصحفيين بالطعن على أحد الصناديق الذى قررت اللجنة الانتخابية استبعاده من الفرز، وأعلن أنه لن يتخلى عن دوره النقابى فى خدمة زملائه.