حنان حجاج

عصافير الثورة وأقفاص العسكر

الجمعة، 28 أكتوبر 2011 04:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما الذى يمكن أن تفعله أغنية للحرية وهى تحلق فى فضاء وطن اشتاق كثيرًا لصوتها؟ ما الذى يمكن أن تحدثه فرشاة فنان لونت حائطًا بألوان الرفض والحلم المبهرة لتزيل سواد سنوات الفساد والتزوير؟ ما الذى يمكن أن يهدد أمن مصر لو صرخ شاب عشرينى طالبًا الحرية؟ أو لو تحركت أصابع محبطة وحالمة على كيبورد تكتب عن حلمها وعن شكها وحتى عن اتهاماتها؟ أى جريمة استثنائية فعلها مدون أو فنان أو زقزقة عصفور على تويتر؟

عندما وقف أحد متظاهرى وول ستريت مغنيًا بلغة عربية تناضل الخروج واضحة الحروف «أحب عيشة الحرية زى الطيور فوق الأغصان.. ما دام حبايبى حواليه كل البلاد عندى أوطان». كرر وراءه كل الواقفين الأغنية التى اعتبروها من تراث ميدان التحرير وثورة مصر الرائعة، هناك يغنون للثورة، وهنا تمتلئ الأقفاص المغلقة على العصافير التى انطلقت بجمرات الثورة تطالب فقط بالحرية والكرامة، خرجوا يطالبون بالحرية، كسروا قيود أمن مبارك، وعسكر الداخلية، وأمن الدولة، لتلتقطهم أقفاص أخرى وسجانون آخرون ومحاكمات عسكرية أكثر قسوة وصرامة.

12 ألفًا من المصريين تعرضوا للمحاكمات العسكرية حتى سبتمبر الماضى، بينما لم يتم تحديث الرقم حتى الآن، ولكنه بالتأكيد زاد بضع مئات بعد أحداث ماسبيرو وإحالة عشرات الناشطين للقضاء العسكرى، وآخرهم علاء عبدالفتاح وبهاء صابر.

ورئيس هيئة القضاء العسكرى ما زال رابضًا عند موقفه «لن تلغى المحاكمات إلا مع إلغاء قانون الطوارئ»، وبالطبع لن تلغى الطوارئ إلا بعد أن تستتب أمور البلد، ولن يحدث هذا إلا بعد انتخابات المجلسين: الشعب والشورى، وبعد انتخابات الرئيس، والأخيرة فى حكم الغيب، وحكم المجلس وخططه شديدة الغموض، والنتيجة لن تتوقف المحاكمات العسكرية!!

الرابضون فى كسل يقترب من حدود الاستغباء يقولون: ولماذا تلغى المحاكمات العسكرية؟ البلد يجتاحها البلطجية، ملأوا الشوارع، والأمن ضاع، وتلك لحد ما حقيقة، ولكن بالتأكيد المسؤولون عنها ليسوا من يقبعون خلف السجون الحربية وسجن طرة المشدد وسجون الواحات القاتلة، وحتى لو أفرج عن هؤلاء غدًا فلن تزيد البلطجة أو يُهدَّد أمن الوطن والسادة المواطنين. لأن أكثر من نصف هؤلاء ليسوا بلطجية، بل هم ثوار وشباب عاديون وحتى مراهقون صغار جمعتهم الشرطة العسكرية منذ يوم 28 يناير فى خضم الثورة، وقبل أن تطفو ظاهرة البلطجة على السطح، فمنذ اليوم الأول الذى تسلمت فيه الشرطة العسكرية والحرس الجمهورى شوارع القاهرة، بعد انسحاب الشرطة، بدأت عمليات قنص العصافير - التاريخ على عهدة اللواء عادل المرسى، رئيس هيئة القضاء العسكرى - وهو التاريخ الذى كان يستحق كل التساؤلات من عشرات الناشطين عن دور المؤسسة العسكرية، وبالذات الشرطة العسكرية، وعن قنصها للنشطاء بدءًا من يوم 28 يناير، مرورًا بيوم 17 فبراير، فيوم 9 مارس، فأحداث السفارة، وصولاً لماسبيرو، بخلاف عشرات الاستدعاءات والأحكام الفردية على نشطاء آخرين.

العدالة عمياء، لكنها يجب أن ترى بعيون ضميرها، وعندما يقف متهم أمام «قاضيه غير الطبيعى» يتساوى الجميع، الثورى الحالم والبلطجى المجرم، وهذا هو ما فعلته المحاكمات العسكرية للمدنيين والنشطاء والثوار.

حوائط السجن العسكرى التى يقبع خلفها آلاف الشباب ستسجل أن ثورة فى مصر قامت، وأن حاكمًا ظلم محكومًا، وأن فاسدًا قد خُلع بأمنه وعسكره بدماء وأرواح الشهداء.. بينما جاء حاكم آخر بأمنه وسجونه ليحاكم أجمل من أنبتت أرض مصر، ولو كره العجزة وأصحاب فوبيا الاستقرار.. شباب مصر ليسوا بلطجية ولا خونة، المحاكمات للخونة ومن أفسدوا الوطن، الحرية لشباب الحرية، والثورة دفعت ثمن حريتها، فمن يستطيع الآن أن يسرقها منها؟!!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة