قابلته فى دولة عربية شقيقة، وهو مهندس مصرى نابغ يعمل بالخارج منذ تخرجه بعد أن ضاقت به سبل الحياة فى مصر وانتظر طويلا فى طابور العاطلين قبل أن يستطيع الخروج من مصر والحصول على فرصة عمل جيدة بهذه الدولة العربية.
سألنى عن حق المصريين بالخارج فى التصويت، وهل سيتمكنون من ممارسة حقوقهم السياسية أم سيظلون خارج دائرة الاهتمام كما عودهم النظام السابق، عدت بذاكرتى للوراء وتذكرت بيان التغيير الذى تبناه الدكتور محمد البرادعى والجمعية الوطنية للتغيير بمختلف مكوناتها قبل ثورة يناير، وكان من مطالبه الأساسية منح المصريين فى الخارج حق التصويت فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
تذكرت أن هذا الحق الذى تم إهداره لم تستطع الثورة حتى الآن أن تعيده لعدد كبير من المصريين قد يقترب من عشر تعداد المصريين، سألنى هذا المهندس المصرى لماذا ينظرون إلينا هكذا، ويقول بعضهم إن من سافروا خارج مصر يعيشون الآن فى رغد وسعة ولا يحتاجون لحق التصويت فقد تركوا مصر بمشاكلها وآلامها، ألسنا مصريين قد ولدنا بهذه الأرض؟ ولماذا خرجنا من مصر أليس بسبب الضنك والفقر والذل بحثا عن لقمة العيش؟ أليس هذا النظام البائد هو الذى ضيع آمالنا فى فرصة عمل لائقة تضمن لنا حياة كريمة؟! ما خرجنا من بلدنا بإرادتنا ولكن رغما عنا، إن كل من يعتقد أننا نعيش فى سعادة وهناء وراحة بال واهم، إننا دائما نشعر بالنقص، نشعر أننا ضيوف بل متطفلون على بلد آخر، نشتاق لبلادنا وأهلنا ولكن لا نستطيع العودة الآن قبل أن نجد فرصا للعمل تضمن لنا حياة آدمية حتى لا نكون عبئا على الوطن.
يقدر عدد المصريين بالخارج بما بين سبعة ملايين و عشرة ملايين تقريبا، وهناك ما لا يقل عن نصف مليون منهم يحتلون أرفع المناصب فى أرقى جامعات العالم والمراكز البحثية والمؤسسات الدولية، كل هؤلاء لم يفتح لهم الوطن ذراعيه وقست عليهم الظروف فخرجوا يبحثون عن فرص التعلم واستثمار نجاحهم وإبداعهم ووجدوا البيئة الملائمة التى استطاعت أن تأخذ بأيديهم إلى الأمام وتجعلهم إضافة حقيقية للبشرية والتقدم الإنسانى.
جميع المصريين بالخارج كانوا يتفاعلون مع أحداث الثورة بشكل مستمر وخرج منهم الكثيرون للتظاهر ومساندة الثورة والدعوة لإسقاط النظام، وكانت فرحتهم عارمة بعد تنحى المخلوع لأنهم يشعرون أن هذا الديكتاتور ونظامه هم السبب فى إبعادهم عن وطنهم وغربتهم القاسية لذا فقد تضاعفت آمالهم عقب الثورة وشعروا أن الأمل يتجدد فى إعادة ارتباطهم بالوطن عبر إقرار حقهم فى التصويت والمشاركة فى رسم مستقبل بلادهم تمهيدا لتغييرها للأفضل وعودتهم إليها.
نجح المصريون أخيرا بالخارج فى انتزاع حكم قضائى ثمين يتيح لهم التصويت فى الانتخابات القادمة، ولكن ما زالت هناك شكوك حول إمكانية وقابلية تنفيذ الحكم، ولكن أعتقد أنها فرصة مواتية للدولة المصرية أن تفتح حضنها مرة أخرى لعدد كبير من أبنائها لتتجدد ثقتهم فى الثورة وفى المستقبل الذى يمضى نحوه الوطن، إنها لحظة تاريخية يمد الوطن فيها ذراعيه لأبنائه المغتربين ليشعروا بانتمائهم الوطنى ويفتخروا بثورتهم ويرون إشارات واضحة تنبئ بتغيير إيجابى.
الاستثمار فى هذه العقول المهاجرة سيفتح لمصر أبوابا من الفرص الهائلة، مشروع نهضة مصر يستطيع أن يدفعه هؤلاء بقوة لا مثيل لها عبر استثمار المال والعلم والخبرة ونقل التجارب الناجحة وخلق البيئة اللازمة لبدء النهوض بالوطن وتدارك ما فاته من عثرات وسقطات.
أعطوا اليوم للمصريين بالخارج حق التصويت وانتظروا منهم الكثير والكثير ولن يبخلوا بأى شىء على وطنهم، بل سيظلون أوفياء له ما بقيت فيهم الحياة، سيغيرون كل أولويات حياتهم حين يعلمون أن الوطن يحتاج إليهم وأن لهم مكانا فيه، لا تحرموا مصر من هذه الكنوز وانتظروا مستقبلا مشرقا لوطن يحتضن أبناءه مهما أبعدتهم المسافات.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى أكتر من أى حد
مصر مش بتاعتكوا لوحدكوا
عدد الردود 0
بواسطة:
الطريق الثالث - حزب الكنبه تحت التأسيس
الحقيقه بين التضليل و الجهل فى موضوع أصوات المغتربيين
عدد الردود 0
بواسطة:
rainbow
لسنا مصريين
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد عبد المهطى
كيفية التخلص من الفلول فى الإنتخابات البرلمانية
عدد الردود 0
بواسطة:
لطيف شاكر
مصلح ممتاز