كل خلاف بين شخصين، أو طرفين أصبح قابلا للاشتعال.. انظر حولك وتأمل حالة النهش والاتهامات الجزافية التى تملأ الأجواء، وكيف يتحول أى خلاف من حولنا، إلى حرب بالأسلحة غير المشروعة، ليست حوارات، ولكن بين أشخاص كل منهم يدعى أنه يعرف أكثر، وأنه الأكثر إيمانا ووطنية وحرصا على المستقبل، والنتيجة ضياع الحاضر وتشويش المستقبل، وإدخال القضايا فى طرق فرعية، واتجاهات تختفى فيها الحقيقة، لا حوار بين أى طرف والآخر، ولا منطقة وسط يمكن أن يلتقى عندها المختلفون، وإنما رغبة فى الإقصاء والنفى، الإساءة وغياب الحوار، والانحياز للقبيلة أو الشخص وليس للمنطق أو الموضوع.
فى كل مكان هناك معركة وحرب باللسان والتصريحات والاتهامات تمتد أحيانا إلى التشابك بالأيدى وإطلاق الرصاص.. القضاة والمحامون، الحوينى والمفتى، أحدث معركتين استخدمت فيهما الأسلحة غير المشروعة.
الخلاف بين القضاة والمحامين، غادر كونه جدلا حول استقلال القضاء، وتحول إلى حرب قبلية تتطاير فيها الاتهامات، ويختفى الموضوع خلف دخان الصراع، وهى معركة أساءت لطرفى الخلاف اللذين يمثلان العدالة، لا أحد من القضاة أو المحامين يتحدث عن المواطنين والمتقاضين والعدل، وتداخلت الأهداف الانتخابية لكل طرف لتتقدم الهدف الرئيسى.
معركة أخرى.. ما هو سبب الخلاف بين الشيخ الحوينى والشيخ المفتى؟ لن تجد إجابة، لكن سترى كمية من الاتهامات والشتائم والهجوم من كل الجهات، ألفاظ فيها تجريح وشتائم لا تليق بفقيه أو عالم.
أنصار الشيخ الحوينى يؤيدون شيخهم باتهامات للمفتى، ويقتطعون مقاطع لخطب المفتى من سياقها يقدمونها على أنها آراء غريبة، يقولون إن الرجل اتهم ابن حجر العسقلانى بشرب الحشيش، وإنه برر الزنا، وإذا رجعت للخطبة الكاملة تجد أن الكلام فى سياق قصص وأمثلة لا تقول ما جاء فى الاقتطاع، يشرح قصة عن ابن حجر وآداب الدعوة، ونفس الأمر فيما يخص الزنا.. تم اقتطاع الأقوال بشكل متعمد بهدف الإساءة والاتهامات، ونجد أنفسنا أمام التشجيع بطريقة مباريات الكرة، دون حسن نية، هل يجوز الكذب فى معركة هدفها الصدق؟ والأهم: ما هو سبب الخلاف بين الاثنين؟
خلاف القضاة والمحامين لا يتعلق بالقضاء واستقلاله، وخلاف الحوينى والمفتى لا يتعلق بالإيمان، الأمر كله أن هناك من يؤمنون بمصالحهم ويعبدون ذواتهم، أو يقدسون أشخاصا ويعتبرون الاجتهادات رؤى نهائية.
الخلافات والمعارك كلها تنتقل من الحوار إلى الشتائم، تختفى القضية الرئيسية، ويغيب المنطق، وتسود المزايدات من أجل الأضواء، أصبحنا أمام حالة من جنون العظمة، كل فريق يرى غيره على باطل يريد فرض رأيه على الجميع.. سقط نظام متسلط وصرنا أمام جماعات من المتسلطين ينهشون فى بعضهم وغيرهم.. فهل يمكن التعويل على هؤلاء فى وضع تصور للمستقبل، وهم عاجزون عن إقامة حوار حول الحاضر؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmad abdelaziz
هجوم السلفيين
عدد الردود 0
بواسطة:
د. هيثم يعقوب
الانصاف
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر حبيب
القاتل العاشق
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال المتولى جمعة
التسامح