سامح فوزى

محاضرة مصرى لم يسمع عنها المصريون

الإثنين، 31 أكتوبر 2011 10:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على بعد أميال ألقى مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين محاضرة سنوية رئيسية فى هولندا، تشغل وتحتل اهتمام الدوائر الأكاديمية والسياسية والإعلام فى أوروبا، يُطلق عليها Nexus lecture، بدأت تقليدًا سنويّا منذ عام 1994، وألقى هذه المحاضرة فى السنوات الماضية رموز الفكر والإبداع عالميّا مثل إدوارد سعيد، فرنسيس فوكوياما، سونيا غاندى، آمارتيان سن، وغيرهم.

تناول الدكتور سراج الدين - المؤسس لمكتبة الإسكندرية - فى محاضرته أمس، فى قاعة كبرى بجامعة تالبرج الهولندية، «أوروبا والإسلام» عبر ذاكرة الإسكندرية، وصفها المسؤول عن سلسلة المحاضرات بأنها أعظم محاضرة ألقيت ضمن هذه السلسلة، وتابعها المئات داخل القاعة وخارجها.

لم أجد محاضرة علمية تدافع عن العرب والمسلمين - ليس بمنطق الشوفينية والتعصب، ولكن من خلال التأكيد على التلاقى الحضارى بين الإسلام وأوروبا، الشرق والغرب - مثل هذه المحاضرة القيمة.. غزارة المعلومات، وتسلسلها، وعمق ورشاقة اللغة الإنجليزية التى قدمت بها المحاضرة تجعلك تقف منبهرًا بوجود عالم جليل مثل سراج الدين، ينبغى أن ينال من الاحترام ما يستحقه.

فى محاضرته قال: إن العرب والمسلمين لم يحترموا فقط الفلاسفة الإغريق، وعلماء الرياضة فى الهند، ونقلوا عنهم، لكنهم احترموا العلماء المسيحيين واليهود الذين عاشوا فى وسطهم. نذكر منهم العالم حنين بن إسحاق «809-873م»، وهو عالم مسيحى طبيب، برع فى ترجمة التراث الطبى والعلمى اليونانى إلى العربية، والعالم موسى بن ميمون، الذى ولد فى إسبانيا 1135م، ومات فى مصر عام 1204، وهو عالم يهودى رجل دين، وطبيب، وفيلسوف، جنبًا إلى جنب مع مئات العلماء المسلمين مثل «ابن النفيس» و«ابن الهيثم» و«ابن حزم»... إلخ.

وتناولت المحاضرة اتساع صدر العرب والمسلمين فى العصور السابقة لحرية الرأى والإبداع، وكيف أن «أبو العلاء المعرى» عاش، وأبدع، ولم يجد من يصادر إبداعاته وأفكاره التى بها كثير من الجرأة فى تناول أمور دينية مباشرة. وهو ما يستوجب على المسلمين اليوم استلهام مشاعل الحداثة فى حضارتهم السابقة بالتأكيد على رفض التعصب، ونشر قيم التسامح، والتقدير للعلم والعلماء.

وانتقل سراج الدين فى محاضرته للحديث عن أوروبا، التى قدمت للإنسانية العلم والثقافة والمعرفة فى شتى المجالات، منتقدًا تصاعد الموجات العنصرية، ومقتبسًا من أحد المفكرين المرموقين فى أوروبا «أن أوروبا ماتت عندما سمحت للهولوكوست بأن تحدث على أراضيها»، اليوم تحدث فى أوروبا مظاهر مختلفة تأخذ شكلاً أقل قسوة مما حدث فى الماضى، لكنها تنطوى على رسالة للأجيال الشابة المختلفة فى المعتقد الدينى بأن يعيشوا كما تعيش الأغلبية، أو يعودوا من حيث جاء آباؤهم، الإسلام لم يعد خارج أوروبا، بل هو جزء من نسيج المجتمع الأوروبى.

ويطالب سراج الدين فى محاضرته بالعودة إلى نموذج مدينة الإسكندرية قديمًا، ونموذج الأندلس متعددة الثقافات والأعراق، من خلال الاحتفاء بالتعددية، وقبول الاختلاف، والتنوع، والمبادئ الإنسانية الكبرى التى ارتضتها الجماعة البشرية، والتأكيد على أوروبا التى تقوم على حرية الثقافات والمعتقدات فى إطار من احترام الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والسلام، وممارسته محليّا وإقليميّا وكونيّا.

المحاضرة غزيرة، وعميقة، لم أجد أجرأ منها فى الحوار والتحدى الفكرى بين مثقف عربى مسلم، هو الأول الذى يلقى محاضرة فى هذه السلسلة، وبين مثقفى ومفكرى أوروبا فى الدفاع عن حضارة مصر، والعرب والمسلمين، ونقد التطرف والغلو على الجانبين، وقد احتلت المحاضرة مساحة واسعة من المتابعة أكاديميّا وإعلاميّا فى أوروبا، فى الوقت الذى لم تجد فيه الصدى فى المجتمع المصرى.

أقول هذا فى وقت أجد فيه محاولات حثيثة من جانب البعض، والذين لا ترقى سيرتهم العلمية والأكاديمية فوق مستوى الشبهات للنيل من الرجل، والقفز على موقعه، وهو ما يسىء ليس للرجل، ولكن إلى قيم العلم والثقافة، والحضور المصرى والعربى والإسلامى دوليّا.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

د/ خالد السيد حسن

ربي أزل الغشاوة عن عقولهم ليفقهوا

عدد الردود 0

بواسطة:

يوسف

تحية لهذا الرجل والعالم الجليل

عدد الردود 0

بواسطة:

د. أحمد عباس

قامة سامقة

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد المصري

لا كرامة لنبي فى وطنه

عدد الردود 0

بواسطة:

اسكندر

المصرى دائما يشرف

عدد الردود 0

بواسطة:

سمير صادق

ياريت نحضرها هنا فى مصر

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد سميح

رجل عظيم

عدد الردود 0

بواسطة:

Abo Ahmed

العيب فى الأعلام

عدد الردود 0

بواسطة:

الشيخ السيد عفيفي..الدعوة السلفية بمنيا القمح

هكذا يكون الدفاع عن الاسلام

عدد الردود 0

بواسطة:

طبيب د. سلامة

مصر عمرانة باهلها

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة