وضع البلد لا يمطئن أحدًا.. لعل هذه المفردات هى التى تسيطر على الشعب المصرى حاليًا، بعد أن أحس بأن الاستقرار لم يتحقق حتى اليوم، وأن الأمل فى تطوير المجتمع لم يكن مثلما خططنا له فى الأيام الأولى بعد نجاح ثورة 25 يناير، والناتج أننا نعيش دائمًا فى قلق مستمر نخاف من الغد، نخاف من عشوائية القرار، نخاف من يوم الجمعة وترقب المظاهرات ودخول البلطجية إلى كل مناحى حياتنا فى أسلوب نصفه بالكارثة التى تهدد استمرار حياتنا بهذا النمط غير الآمن.. حتى أنه لم يعد لدينا وقت لالتقاط الأنفاس ومراجعة أحوالنا والبحث عن طرق جديدة لتخطى أزماتنا، إحساس غريب كأن الزمن توقف بنا، أو كأننا نلعب فى الوقت الضائع، بلا هدف ولا أدنى إحساس بأننا سنحرز النتيجة المرجوة، هناك هواجس يومية تجعلنا لا نشعر بالتفاؤل ونتأكد من تضاؤل فرص العمل والعلم والوصول إلى يقين من خلاله نطمئن على أنفسنا، ويعفينا من التخبط المستمر فى احتمالات لا تصل بنا إلى شىء، ولا تستقر إلى بر الأمان.. هذا الوضع لا يجعل الناس تعرف كيف تتفاءل، أو حتى يمكن أن تتنبأ بأى جديد فى الغد، لأن كل المعطيات الموجودة تزيدنا من القلق وعدم التوازن النفسى ولا يمكنها أن تقودنا إلا إلى التشتت.. لا توجد مؤشرات نتحرك من خلالها.. لا أحد يستطيع أن يرسم بوضوح الحالة التى وصلنا إليها ولا إلى أى مدى يمكن أن تقودنا.. فقط توجد وللأسف المزايدات على مشاعر الجماهير والمتاجرة بآلامهم واستباحة مشاكلهم، فقد أصبح أصحاب الأصوات العالية فى الفضائيات هم الأكثر سطوة وغوغائية.. مجرد ثرثرة ولعب بمشاعر الناس.. كل هذا جعلهم ملء السمع والبصر، ولكن بلا قضايا حقيقية.. مجرد فقاقيع هواء جوفاء.. حقّا إنها حالة اكتئاب مستمرة يعيشها الشعب وتزداد يومًا بعد يوم.. لا نعرف لها أولاً ولا نعرف لها نهاية، والحكومة فى واد والناس فى واد آخر.. لا يوجد ما يبشر بجديد، يحس الناس بأنهم منعزلون عن بعضهم البعض مثلما هم منعزلون عن المسؤولين.. وهذا الوضع يصل بنا إلى طريق مسدود ولا يعلن عن أى جديد.. حالة الاكتئاب التى تسيطر على الشعب المصرى هى التى تشير إلى أكثر من دلالة وأكثر من نتيجة أهمها أننا فى حالة من الركود وتراجع العمل والمزيد من إهمال القيم والتقاليد والأعراف، ما يحدث يجعلنا دائمًا فى حالة تراجع يؤدى إلى عشوائية وضياع.. كأننا نلف وندور حول أنفسنا ولا يوجد أى حصاد لهذه الصراعات غير المجدية.. إننى أرى أن نقطة البداية تكون فى إذابة الفوارق بين الناس بعضهم البعض.. ثم التخطيط لخارطة عمل بعيدًا عن الإضرابات وكل مظاهر الاحتجاجات سواء كانت فردية أو مطالب جماعية.. والبدء فورًا من خلال عمل متواصل.. أيضًا أتمنى أن يقترب صناع القرار من الجماهير العريضة.. وأنا شخصيّا تفاءلت خيرًا بنزول المشير محمد حسين طنطاوى إلى شوارع القاهرة بملابسه العادية وليس بالزى العسكرى.. أحسسنا بأنه مواطن مصرى بسيط لا يتكبر على أحد ويقترب من الناس بحب، هكذا أريده دائمًا وهو يمثل أعلى سلطة فى البلاد.. أن يكون أكثر اقترابًا، وأتمنى أن يخرج علينا كل فترة، ولتكن مرة كل شهر، يظهر خلالها على شاشة التليفزيون ليتحدث إلى الناس، ويعلن لهم عن خطة الدولة وعن الإنجازات التى تمت وعن الآمال التى يمكن أن تتحقق.. هذا الاقتراب من الجماهير يعطى أملًا فى الغد ورؤية أكثر وضوحًا لما يحدث، وما يمكن أن يحدث، أرى أن هذا التواصل مهم فى تحديد هوية الحكومة أمام الشعب فى الفترة القادمة، ولعل هذا أيضًا يعطى ثقة مفقودة بين الشعب والحكومة، هذه الثقة التى فقدت منذ أكثر من ثلاثين عامًا بسبب غياب المصارحة والتعالى على الناس وصنع قرارات غريبة عن المجتمع لا تخدم سوى مصالح فئة أثبتت التحقيقات أنهم رموز الفساد.
الثقة بين الشعب والحكومة لابد أن تعود، خاصة بعد أن اجتاز المصريون فترة حرجة بعد نجاح الثورة، ومن المفترض ألاّ تستمر هذه الفترة الحرجة بل لابد أن نتجاوز هذا الإحساس الكئيب الذى حاصرنا شهورًا وكنا فى أغلب الأوقات ندافع عن أنفسنا بأن ما يحدث هو مجرد كبوة وتمر سريعًا.. ولكنها للأسف لا تمر بل تبقى فوق صدورنا.. تحتاج إلى مزيد من الوعى.. مزيد من الشفافية.. ومزيد من الصراحة المطلقة أيضًا، حتى نعبر هذه الأزمة، وتستقر بنا سفنية الوطن فى رسوخ وقوة.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية جدا
طول عمرك مش مطمن وغير متفائل من بعد الثورة مباشرة وحتى الآن
عدد الردود 0
بواسطة:
المصير
احساس يعيشه المصريين فى الوقت الحالى
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء الســــــباعي
الي التعليق رقم1